الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 82 ] أما قوله تعالى :( وإخوانهم يمدونهم في الغي ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : اختلفوا في أن الكناية في قوله :( وإخوانهم ) إلى ماذا تعود على قولين .

                                                                                                                                                                                                                                            القول الأول : وهو الأظهر أن المعنى : وإخوان الشياطين يمدون الشياطين في الغي ، وذلك لأن شياطين الإنس إخوان لشياطين الجن ، فشياطين الإنس يغوون الناس ، فيكون ذلك إمدادا منهم لشياطين الجن على الإغواء والإضلال .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : أن إخوان الشياطين هم الناس الذين ليسوا بمتقين ، فإن الشياطين يكونون مددا لهم فيه ، والقولان مبنيان على أن لكل كافر أخا من الشياطين .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : تفسير الإمداد تقوية تلك الوسوسة والإقامة عليها وشغل النفس عن الوقوف على قبائحها ومعايبها .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قرأ نافع ( يمدونهم ) بضم الياء وكسر الميم من الإمداد ، والباقون ( يمدونهم ) بفتح الياء وضم الميم ، وهما لغتان مد يمد وأمد يمد ، وقيل مد معناه جذب ، وأمد معناه من الإمداد .

                                                                                                                                                                                                                                            قال الواحدي : عامة ما جاء في التنزيل مما يحمد ويستحب أمددت على أفعلت ، كقوله :( أنما نمدهم به من مال وبنين ) [المؤمنون : 55] وقوله :( وأمددناهم بفاكهة ) [الطور : 22] وقوله :( أتمدونني بمال ) [النمل : 36] وما كان بخلافه فإنه يجيء على مددت قال :( ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) [البقرة : 15] فالوجه ههنا قراءة العامة وهي فتح الياء ، ومن ضم الياء استعمل ما هو الخير لضده كقوله :( فبشرهم بعذاب أليم ) [آل عمران : 21] وقوله :( ثم لا يقصرون ) قال الليث : الإقصار الكف عن الشيء ، قال أبو زيد : أقصر فلان عن الشر يقصر إقصارا إذا كف عنه وانتهى ، قال ابن عباس : ثم لا يقصرون عن الضلال والإضلال ، أما الغاوي ففي الضلال وأما المغوي ففي الإضلال .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية