الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1326 - وعن بريدة رضي الله عنه ، قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا بلالا ، فقال : " بم سبقتني إلى الجنة ؟ ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي " ، قال : يا رسول الله ! ما أذنت قط إلا صليت ركعتين ، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عنده ورأيت أن لله علي ركعتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بهما " . رواه الترمذي .

التالي السابق


1326 - ( وعن بريدة قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، أي : ذات يوم ( فدعا بلالا ) ، أي : بعد صلاة الصبح كما مر ( فقال : " بما ) : وفي نسخة المصابيح : " بم " ( سبقتني ) ، أي : خدامي ، أو قدامي ( إلى الجنة ؟ ) : وما وجه تخصيصك بالخدمة بين يدي حين دخول الجنة ؟ إذ درجات الجنة على وفق زيادات الطاعة ، وقال بعضهم ، أي : بأي عمل يوجب دخول الجنة سبقت وأقدمت عليه قبل أن آمرك وأدعوك إليه ؟ جعل السبب فيما يوجب دخول الجنة كالسبق في دخول الجنة ، يعني جعل السبق في السبب كالسبق في المسبب ، ثم رشحه عليه بأن رتب عليه سماع الخشخشة أمامه ، وهي سماع حركته أو دفيف النعل بين يديه حيث قال : ( ما دخلت الجنة قط ) : يستفاد منه أنه رأى بلالا كذلك مرات ، ولعل إحداها ليلة المعراج ، والثانية في المنام ، والثالثة في عالم الكشف ( إلا سمعت خشخشتك ) ، أي : حركة لها صوت كصوت السلاح ( أمامي ) ، أي : قدامي ، ولا يجوز إجراؤه على ظاهره إذ ليس لنبي من الأنبياء أن يسبقه - عليه الصلاة والسلام - فكيف لأحد من أمته ؟ ( قال : يا رسول الله ! ما أذنت ) ، أي : ما [ ص: 991 ] أردت التأذين ( قط إلا صليت ركعتين ) : نفلا قبل الأذان ، والأظهر ما أذنت إلا صليت قبل الإقامة ركعتين ، وهو قابل لاستثناء المغرب ; إذ ما من عام إلا وخص ، وإن خص هذا العام أيضا ، ( وما أصابني حدث ) ، أي : حقيقي أو حكمي . ( قط إلا توضأت عنده ) ، أي : بعد حدوث ذلك الحدث ، وفي إيثار ( عنده ) على بعده إشارة إلى المبالغة في المحافظة على مداومة الطهارة . ( ورأيت ) : عطف على توضأت ، قال ابن الملك ، أي : ظننت ، وقال ابن حجر : اعتقدت وهو غير صحيح ، إلا أن يحمل على المبالغة ، والأظهر أن يكون من الرأي ، أي اخترت . ( أن لله علي ركعتين ) : شكرا له تعالى على إزالة الأذية وتوفيق الطهارة ، قال الطيبي : كناية عن مواظبته عليهما اهـ . ويحتمل أنه جعلهما نذرا على نفسه .

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بهما ) ، أي : بهما نلت ما نلت أو عليك بهما ، قاله الطيبي ، وهو أحسن مما قيل بهاتين الخصلتين دخلت الجنة ، ثم الظاهر أن ضمير التثنية راجع إلى القريبين المذكورين ، وهما دوام الطهارة وتمامها بأداء شكر الوضوء ، فيوافق الحديث السابق أول الباب ، ولا يبعد أن يرجع إلى الصلاة بين كل أذانين ، والصلاة بعد كل طهارة ، أو إلى الصلاة بين الأذانين ، ومجموع دوام الوضوء ، وشكره ، والله أعلم . ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن صحيح ، نقله ميرك .




الخدمات العلمية