الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أخبرني أحمد بن إسحاق : أخبرنا الفتح بن عبد السلام : أخبرنا محمد بن علي ، ومحمد بن أحمد ، ومحمد بن عمر القاضي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة : أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن : أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي : حدثنا قتيبة بن سعيد : حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس ، [ ص: 624 ] عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ويل للعرب من شر قد اقترب . فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل . المتمسك منهم على دينه كالقابض على خبط الشوك أو جمر الغضى .

                                                                                      أبو يونس هذا : اسمه : سليم بن جبير ، من موالي أبي هريرة ، صدوق ، وهذا أعلى شيء يقع لنا من حديث أبي هريرة .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن سلام ، والخضر بن حمويه إجازة ، عن أبي الفرج بن كليب : أخبرنا ابن بيان : أخبرنا محمد بن مخلد : أخبرنا إسماعيل الصفار : حدثنا الحسن بن عرفة : حدثنا عمار بن محمد ، عن الصلت بن قويد الحنفي : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : لا تقوم الساعة حتى لا تنطح ذات قرن جماء .

                                                                                      الصلت هذا ، كناه النسائي : أبا الأحمر ، وقال : لا أدري كيف هو ؟ ثم ذكر له هذا الحديث ، وقال : قاله أحمد بن علي - يعني : المروزي - حدثنا عبد الله بن عون الخراز ، عن عمار . [ ص: 625 ]

                                                                                      قلت : ويروي عنه علي بن ثابت الجزري .

                                                                                      وقال بعضهم : الصلت ، عن أبي الأحمر ، عن أبي هريرة .

                                                                                      قال يحيى بن معين : الصلت بن قويد ، يحدث عن أبي هريرة : حدثني عنه عمار بن محمد ، وعلي بن ثابت الجزري .

                                                                                      ابن المبارك ، عن وهيب بن الورد ، عن سلم بن بشير أن أبا هريرة بكى في مرضه : فقيل : ما يبكيك ؟ قال : ما أبكي على دنياكم هذه ، ولكن على بعد سفري ، وقلة زادي ، وأني أمسيت في صعود ، ومهبطه على جنة أو نار ، فلا أدري أيهما يؤخذ بي .

                                                                                      مالك ، عن المقبري ، قال : دخل مروان على أبي هريرة في شكواه ، فقال : شفاك الله يا أبا هريرة . فقال : اللهم ، إني أحب لقاءك ، فأحب لقائي .

                                                                                      قال : فما بلغ مروان أصحاب القطا ، حتى مات .

                                                                                      الواقدي : حدثنا ثابت بن قيس ، عن ثابت بن مسحل ، قال : كتب [ ص: 626 ] الوليد إلى معاوية بموت أبي هريرة . فكتب إليه : انظر من ترك ، فأعطهم عشرة آلاف درهم ، وأحسن جوارهم ; فإنه كان ممن نصر عثمان ، وكان معه في الدار .

                                                                                      قال عمير بن هانئ العنسي : قال أبو هريرة : اللهم ، لا تدركني سنة ستين فتوفي فيها ، أو قبلها بسنة .

                                                                                      قال الواقدي : كان ينزل ذا الحليفة . وله بالمدينة دار ، تصدق بها على مواليه . ومات سنة تسع وخمسين وله ثمان وسبعون سنة . وهو صلى على عائشة في رمضان سنة ثمان وخمسين ، قال : وهو صلى على أم سلمة في شوال سنة تسع وخمسين .

                                                                                      قلت : الصحيح خلاف هذا .

                                                                                      وروى سفيان بن عيينة ، عن هشام بن عروة : أن عائشة ، وأبا هريرة ماتا سنة سبع وخمسين قبل معاوية بسنتين .

                                                                                      تابعه يحيى بن بكير ، وابن المديني ، وخليفة ، والمدائني ، والفلاس . [ ص: 627 ]

                                                                                      وقال أبو معشر ، وضمرة ، وعبد الرحمن بن مغراء ، والهيثم ، وغيرهم : سنة ثمان وخمسين .

                                                                                      وقال ابن إسحاق ، وأبو عمر الضرير ، وأبو عبيد ، ومحمد بن عبد الله بن نمير : سنة تسع . كالواقدي .

                                                                                      وقيل : صلى على أبي هريرة الأمير الوليد بن عتبة بعد العصر ، وشيعه ابن عمر ، وأبو سعيد ، ودفن بالبقيع .

                                                                                      وقد ذكرته في " طبقات القراء " ، وأنه قرأ على أبي بن كعب .

                                                                                      أخذ عنه : الأعرج ، وأبو جعفر ، وطائفة .

                                                                                      وذكرته في " تذكرة الحفاظ " . فهو رأس في القرآن ، وفي السنة ، وفي الفقه .

                                                                                      قال أبو القاسم النحاس : سمعت أبا بكر بن أبي داود ، يقول : رأيت في النوم - وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة - أبا هريرة كث اللحية ، أسمر ، عليه ثياب غلاظ ، فقلت له : إني أحبك . فقال : أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا .

                                                                                      في " الكنى " لأبي أحمد : أبو بكير إبراهيم ، عن رجل : أن أبا هريرة - رضي الله عنه- كان إذا استثقل رجلا ، قال : اللهم اغفر له ، وأرحنا [ ص: 628 ] منه .

                                                                                      حدث بهذا بشر بن المفضل ، عن محمد صاحب الساج ، عن أبي بكير : قال ابن سيرين : تمخط أبو هريرة ، وعليه ثوب كتان ، فقال : بخ بخ ! أبو هريرة يتمخط في الكتان! لقد رأيتني أخر فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحجرة عائشة ، يجيء الرجل يظن بي جنونا .

                                                                                      شعبة ، عن محمد بن زياد : رأيت على أبي هريرة كساء خز .

                                                                                      قال أبو هريرة : نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا .

                                                                                      قيس بن الربيع ، عن أبي حصين ، عن خباب بن عروة : رأيت أبا هريرة ، وعليه عمامة سوداء .

                                                                                      وفي " سنن النسائي " : أن أبا هريرة ، دعا لنفسه : اللهم ، إني أسألك علما لا ينسى . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : آمين .

                                                                                      قال الداني : عرض أبو هريرة القرآن على أبي بن كعب .

                                                                                      قرأ عليه : الأعرج .

                                                                                      قال سليمان بن مسلم بن جماز سمعت أبا جعفر يحكي لنا قراءة [ ص: 629 ] أبي هريرة في إذا الشمس كورت يحزنها شبه الرثاء .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية