الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا صمنا بعدل ) ولو مستور العدالة ( ولم نر الهلال بعد ثلاثين ) يوما ( أفطرنا ) وجوبا ( في الأصح وإن كانت السماء مصحية ) لا كمال العدد كما لو صمنا بعدلين والشيء قد يثبت ضمنا بطريق لا يثبت [ ص: 380 ] فيها مقصودا كالنسب والإرث لا يثبتان بالنساء ويثبتان ضمنا للولادة الثابتة بهن ولا يقبل رجوع العدل بعد الشروع في الصوم كما رجحه الأذرعي ؛ لأن الشروع فيه كالحكم ومنه يؤخذ أن العدلين لا يقبل رجوعهما حينئذ أيضا وقد يؤخذ من قوله بعدل وما ألحق به من المستور أنه لو صام بقول من اعتقد صدقه لا يفطر بعد ثلاثين ولا رؤية وهو متجه ؛ لأنا إنما صومناه احتياطا فلا نفطره احتياطا أيضا وفارق العدل بأنه حجة شرعية فلزم العمل بآثارها بخلاف اعتقاد الصدق

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 380 ] قوله وهو متجه ) عبارة شرح الإرشاد الكبير وتوقف الأذرعي فيما لو صام بقول من يثق به ثم لم ير الهلال بعد الثلاثين مع الصحو أي وليس بعدل كما صرح به الأذرعي في توقفه وصرح به الشارح في شرح العباب من جملة توقف الأذرعي وصرح به أيضا في شرح المنهاج فلا تنافي بين ما قاله في شرح الإرشاد هنا وبين قوله قبل ما حاصله ومن حصل له اعتقاد جازم بدخول شوال من العلامات المذكورة لزمه الفطر بالاعتقاد الجازم وإخبار العدل الموجب للاعتقاد الجازم بدخول شوال يوجب الفطر ا هـ وذلك ؛ لأن كلامه السابق في إخبار العدل كما صرح به وكل من العلامات المذكورة وإخبار غير العدل الذي الكلام فيه هنا ليس واحدا من الشيئين كما هو ظاهر .

                                                                                                                              والذي يظهر أنه يصوم ؛ لأن إيجاب الصوم عليه أولا إنما كان احتياطا لأجل الصوم ولا احتياط هنا في الفطر بل الاحتياط عدمه ولا يقال صوم العيد حرام ؛ لأن محل حرمته فيمن علم أنه يوم عيد وظاهر تقييده بالصحو أنه يفطر الحادي والثلاثين إن كان غيم وهو محتمل ويحتمل أنه يصوم نظرا للاحتياط أيضا ولعل هذا أقرب انتهت وجزم في الإرشاد الصغير بوجوب الصوم حالة الصحو ولم يتعرض لحالة الغيم فقد بان لك فيما لو صام بقول غير عدل يثق به ولم ير الهلال بعد الثلاثين أن الشارح استظهر في شرح الإرشاد الكبير وجوب الصوم مع الصحو وترجى أن يكون أقرب مع الغيم وجزم في الصغير بوجوبه مع الصحو وسكت عن الغيم واستوجه في شرح المنهاج وجوب الصوم وأطلق فلم يقيد لا بصحو ولا بغيم .

                                                                                                                              واستوجه في شرح العباب وجوب الفطر مطلقا بقي ما لو رجع العدل عن الشهادة بعد شروع الناس في الصوم ولم ير الهلال بعد ثلاثين هل يجب الفطر أو لا فابن حجر في الإتحاف وشرح الإرشاد الكبير [ ص: 381 ] منع الفطر هنا كما منعه في غالب كتبه فيمن صام بإخبار نحو فاسق اعتقد صدقه ثم لم ير الهلال بعد ثلاثين على ما مر قال ؛ لأنا إنما عولنا عليه مع رجوعه احتياطا والاحتياط عدم الفطر حيث لم نر الهلال كما ذكر وابن الرملي قال بالفطر هنا كما قال به في تلك المسألة فلو رجع العدل عن الشهادة فإن كان بعد الحكم لم يؤثر وكذا قبله وبعد الشروع وإن كان قبل الحكم والشروع جميعا امتنع العمل بشهادته م ر وإذا كان رجوعه قبل الحكم وبعد الشروع ثم لم نر الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية فهل نفطر ظاهر كلامهم أنا نفطر ؛ لأنهم جوزوا الاعتماد عليه وجرى على ذلك م ر وخالف شيخنا في الإتحاف إلخ ا هـ .

                                                                                                                              وعبارة شرح الإرشاد الكبير ولو رجع الشاهد بعد شروع الناس في الصوم أي وقبل الحكم كما صرح به م ر وتصرح به عبارته الآتية أيضا فتأمل فقيل لا يلزم كرجوع الشاهد قبل الحكم وقيل يلزم ؛ لأن شروعهم فيه بمنزلة الحكم بالشهادة ورجحه الأذرعي لكنه توقف في الإفطار فيما لو أكمل العدة ولم نر الهلال والسماء مصحية والذي يظهر هنا أيضا أنهم لا يفطرون ولا نسلم أن العلة ما ذكر من أن شروعهم كالحكم بالشهادة من غير نظر للاحتياط بل الاحتياط هو السبب الموجب لتنزيله منزلة الحكم بها وحينئذ فقال هنا ما مر فيما لو صام بقول من يثق به انتهت وفي شرح العباب ما نصه تردد الأذرعي فيمن صام بقول من يثق به وليس بعدل هل هو كالعدل هنا أيضا أو يصوم جزما فالذي يتجه أنا إن أوجبنا الصوم بقوله أو لا أوجبنا الفطر بقوله آخرا أي وإن كانت السماء مصحية ؛ لأن فرض توقف الأذرعي إنما هو مع الصحو كما صرح به في شرح الإرشاد الكبير ولأن المنهاج الذي أخذ الشارح منه ما خالفه فيه المحشي واستظهر عليه بعبارة شرح العباب أخذ الصحو غاية فليتأمل وإن جوزناه أو لا لم نجوزه هنا ؛ لأنه لم يبن أمره على حجة شرعية حتى يستمر على قضيتها بخلاف ما إذا [ ص: 382 ] أوجبنا عليه الصوم به أو لا فإنه صار حجة شرعية في حقه فليستمر عليها ا هـ وهذا أوجه مما ذكره هنا ونقل عن الأذرعي اعتماده



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وإن كانت السماء مصحية ) أي لا غيم بها وأشار به إلى أن الخلاف في حالتي الصحو والغيم وقال بعضهم بالإفطار في حال الغيم دون الصحو نهاية قول المتن ( مصحية ) من أصحت السماء انقشع عنها الغيم فهي مصحية ا هـ مختار ا هـ ع ش ( قوله والشيء قد يثبت إلخ ) رد لمقابل الأصح القائل بأنه لا يفطر ؛ لأن الفطر يؤدي إلى ثبوت شوال بقول واحد [ ص: 380 ] وهو ممتنع نهاية ( قوله فيها ) كذا في أصله رحمه الله تعالى والأنسب بها بصري .

                                                                                                                              ( قوله ولا يقبل رجوع العدل إلخ ) فلو شهد الشاهد بالرؤية فصام الناس ثم رجع لزمهم الصوم على أوجه الوجهين ؛ لأن الشروع فيه بمنزلة الحكم بالشهادة وقال الأذرعي أنه الأقرب ويفطرون بإتمام العدة وإن لم ير الهلال نهاية وقوله ويفطرون إلخ فيه خلاف يأتي قال ع ش يؤخذ من العلة أنه لو حكم بشهادته وجب الصوم وإن لم يشرعوا فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وما ألحق به إلخ ) هو على حذف أي التفسيرية ( قوله بقول من اعتقد صدقه ) أي من نحو الفاسق سم ( قوله لا يفطر إلخ ) خلافا لظاهر إطلاق النهاية .

                                                                                                                              ( قوله وهو متجه إلخ ) وفي سم بعد كلام ما نصه فقد بان لك فيما لو صام بقول غير عدل يثق به ولم ير الهلال بعد الثلاثين أن الشارح استظهر في شرح الإرشاد وجوب الصوم مع الصحو وترجى أن يكون أقرب مع الغيم واستوجه في شرح المنهاج وجوب الصوم وأطلق فلم يقيد لا بصحو ولا بغيم واستوجه في شرح العباب وجوب الفطر مطلقا بقي ما لو رجع العدل عن الشهادة بعد شروع الناس في الصوم ولم ير الهلال بعد ثلاثين هل يجب الفطر أو لا فابن حج في الإتحاف وشرح الإرشاد منع الفطر هنا كما منعه في غالب كتبه فيمن صام بإخبار نحو فاسق اعتقد صدقه ثم لم ير الهلال بعد ثلاثين قال ؛ لأنا إنما عولنا عليه مع رجوعه احتياطا والاحتياط عدم الفطر حيث لم ير الهلال كما ذكر وابن الرملي قال بالفطر هنا كما قال به في تلك المسألة فلو رجع العدل عن الشهادة فإن كان بعد الحكم لم يؤثر وكذا قبله وبعد الشروع وإن كان قبل الحكم والشروع جميعا امتنع العمل بشهادته م ر وإذا كان رجوعه قبل الحكم وبعد الشروع ثم لم ير الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية فهل نفطر ظاهر كلامهم أنا نفطر ؛ لأنهم جوزوا الاعتماد عليه وجرى على ذلك م ر وخالف شيخنا في الإتحاف إلخ ا هـ والقلب إلى ما قاله الإتحاف أميل ع ش وقوله أطلق إلخ لكن سياقه كالصريح في العموم قول المتن




                                                                                                                              الخدمات العلمية