الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحرب بين عبادة وخفاجة

في هذه السنة كانت حرب شديدة بين عبادة وخفاجة .

وسببها : أن رجلا من عبادة أخذ منه جماعة خفاجة جملين ، فجاء إليهم وطالبهم بهما ، فلم يعطوه شيئا ، فأخذ منهم غارة أحد عشر بعيرا ، فلحقته خفاجة ، وقتلوا من أصحابه رجلا ، وقطعوا يد آخر ، وكان ذلك بالموقف من الحلة السيفية ، ففرق بينهم أهلها .

فسمعت عبادة الخبر ، فتواعدت ، وانحدرت إلى العراق للأخذ بثأرها ، وساروا مع جماعة من أمرائهم ، فبلغت عدتهم سبعمائة فارس ، وكانت خفاجة دون هذه العدة ، فراسلتهم خفاجة يبذلون الدية ويصطلحون ، فلم تجبهم إلى ذلك عبادة ، وأشار به سيف الدولة صدقة ، فلم تقبل عبادة ، فالتقوا واقتتلوا بالقرب من الكوفة ، ومع عبادة الإبل والغنم بين البيوت ، فكمنت لهم خفاجة ثلاثمائة فارس ، وقاتلوهم مطاردة من غير جد في القتال ، فداموا كذلك ثلاثة أيام ، ثم إنهم اشتد بينهم القتال ، واختلطوا ، حتى تركوا الرماح ، وتضاربوا بالسيوف .

فبينما هم كذلك ، وقد أعيا الفريقان ، إذ طلع كمين خفاجة ، وهم مستريحون ، فانهزمت عبادة ، وانتصرت عليهم خفاجة ، وقتل من وجوه عبادة [ ص: 519 ] اثنا عشر رجلا ، ومن خفاجة جماعة ، وغنمت خفاجة الأموال من الخيل ، والأبل ، والغنم ، والعبيد ، والإماء .

وكان الأمير صدقة بن مزيد قد أعان خفاجة سرا ، فلما وصل المنهزمون إليه هنأهم صدقة بالسلامة ، فقال له بعضهم : مازلت أقاتل ، وأضارب ، ، أنا طامع في الظفر بهم ، حتى رأيت فرسك الشقراء تحت أحدهم ، فعلمت أنهم أجلبوا علينا بخيلك ورجلك ، وأننا لا طاقة لنا بهم ، فنصروا علينا بمعونتك ، وفلونا بحدك . فلم يجبه صدقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية