الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال لهما : أنتما علي حرام ونوى في إحداهما ثلاثا وفي الأخرى واحدة فكما نوى به يفتى ، وتمامه في البزازية . قال : أنتما علي حرام حنث بوطء كل . ولو قال : والله لا أقربكما لم يحنث إلا بوطئهما ، والفرق لا يخفى . [ ص: 439 ] وفي الجوهرة : كرر " والله لا أقربك " ثلاثا في مجلس ; وإن نوى التكرار اتحدا ; وإلا فالإيلاء واحد واليمين ثلاث ، وإن تعدد المجلس تعدد الإيلاء واليمين .

التالي السابق


( قوله : وتمامه في البزازية ) وعبارته قال : لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى . ولو قال : نويت الطلاق في إحداهما واليمين في الأخرى عند الثاني يقع الطلاق عليهما وعندهما كما نوى . قال لثلاث : أنتن علي حرام ونوى الثلاث في الواحدة واليمين في الثانية والكذب في الثالثة طلقن ثلاثا ، وقيل هذا على قول الثاني ، وعلى قولهما ينبغي أن يكون على ما نوى . ا هـ . ( قوله : حنث بوطء كل ) يعني يكون إيلاء من كل واحدة منهما ، وهذا على غير المفتى به ، وعلى المفتى به يقع على كل واحدة منهما طلقة بائنة . ا هـ . ح أي لأنه في العرف طلاق ( قوله : والفرق لا يخفى ) الفرق هو أن هتك حرمة اسم الله تعالى لا تتحقق إلا بوطئهما ، وفي قوله أنتما علي حرام صار إيلاء باعتبار معنى التحريم وهو موجود في كل منهما كذا في الفتح عن المحيط ، ومثله في البحر وغيره . [ ص: 439 ] وقال ح : الفرق هو أن في قوله أنتما علي حرام حرمهما على نفسه وتحريمهما تحريم لكل منهما ، وفي قوله لا أقربكما منع نفسه من قربانهما جميعا فلا يحنث إلا بوطئهما ، وقد صرح بهذا الفرق صاحب النهر في كتاب الأيمان عند قوله ومن حرم ملكه لم يحرم ، حيث فرق بين " أكل هذا الرغيف علي حرام " وبين " لا آكل هذا الرغيف " بأن بتحريمه الرغيف على نفسه حرم أجزاءه أيضا ، وفي الثاني إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض . ا هـ .

قلت : لكن ذكر في البحر هناك عن الخانية . قال مشايخنا : الصحيح أنه لا يحنث بأكل لقمة لأن قوله هذا الرغيف علي حرام بمنزلة قوله : والله لا آكل هذا الرغيف ا هـ أي لأن تحريم الحلال يمين ، لكن مقتضى ما مر عن الفتح أنه يفرق بين الحلف باسمه تعالى وبين غيره مما ألحق به تأمل ( قوله : إن نوى التكرار ) أي التأكيد اتحدا أي يكون الإيلاء واحدا ويمينا واحدة حتى لو لم يقربها في المدة طلقت طلقة واحدة وإن قربها فيها لزمه كفارة واحدة ( قوله : وإلا ) أي وإن لم ينو شيئا ، أو أراد التشديد والتغليظ وهو الابتداء دون التكرار ، كذا في الفتح ( قوله : فالإيلاء واحد إلخ ) والقياس أن يكون الإيلاء ثلاثا أيضا ، وهو قول محمد ، حتى إذا مضت أربعة أشهر ولم يقربها تبين بتطليقة ثم عقيبها تبين بأخرى ثم بأخرى إلا أن تكون غير مدخول بها فلا يقع إلا واحدة . وفي الاستحسان وهو قولهما : الإيلاء واحد فلا يقع إلا واحدة لأن المدة لما كانت متحدة كان المنع متحدا فلا يتكرر الإيلاء ، ويجب بالقربان ثلاث كفارات إجماعا لأن الشرط الواحد يكفي لأيمان كثيرة كما في الفتح ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية