الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن أصبح معيدا فسارت سفينته إلى بلدة بعيدة ) عن بلده بأن تخالفها في المطلع ( أهلها صيام ) وصورتها لتغاير مسألة الأصح الأولى أنه ثم وصل إليهم قبل أن يعيد وهنا بعد أن عيد ويدل لذلك [ ص: 385 ] أنه عبر ثم بصام وهنا بأمسك ووقع لبعضهم تصويره بغير ذلك مما فيه نظر ( فالأصح أنه يمسك بقية اليوم ) لما تقرر أنه صار مثلهم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن إلى بلدة بعيدة ) وظاهر أنه لا فرق بين وصوله لنفس تلك البلدة أو إلى مكان قريب أو بعيد منها حيث وافقها في المطلع بل قد يقال لا حاجة لذلك ؛ لأن المراد بالبلد المكان فيشمل ما وصل إليه لكن قد يبعد [ ص: 385 ] ذلك إن لم يكن فيه ناس ( قوله أنه عبر ثم بصام وهنا بأمسك ) لعله حكاية بالمعنى وإلا فلم يعبر ثم بصام ولا هنا بأمسك ( قوله في المتن فالأصح أنه يمسك بقية اليوم ) ينبغي أن يشترط قصد الإمساك الواجب فلا يكفي الإمساك مع الغفلة أو لغرض آخر م ر ( قوله فالأصح أنه يمسك بقية اليوم ) هل يلزمه قضاؤه إذا كان يوم الثلاثين أخذا من كونه صار مثلهم فيه نظر ويتجه أن يقال إن وصل إليهم نهارا لم يلزمه قضاء ؛ لأنه إنما ثبت له حكمهم من حين الوصول فلم يدرك اليوم لتمكن شغل ذمته بصومه وإن وصل إليهم قبل الفجر لزمه صوم ذلك اليوم وقضاؤه إن لم يصمه ؛ لأنه بالوصول إليهم ثبت له حكمهم وأدرك الصوم الواجب عليهم فوجب عليه أيضا فليتأمل ويحتمل أن يقال إنه بوصوله إليهم تبين وجوب هذا اليوم في حقه فيلزمه قضاؤه فليتأمل بقي ما لو كان هذا اليوم أحدا وثلاثين في حقه ووصل إليهم قبل فجره وأفطره فهل يلزمه قضاؤه فيه نظر وقد يقال قياس أنه صار حكمه حكمهم لزوم القضاء وإن لزم أن يكون صومه أحدا وثلاثين ؛ لأنه بطريق العرض بل قد يتكرر الانتقال فيكون أكثر من أحد وثلاثين ( فرع )

                                                                                                                              لو صلى المغرب في بلد غربت شمسه ثم سار لبلد مختلفة المطلع مع الأولى فوجد الشمس لم تغرب عنها فهل يجب عليه إعادة المغرب ؛ لأنه بوصوله إليها صار له حكم أهلها كما في نظيره من الصوم أو لا كما لو صلى الصبي ثم بلغ في الوقت لا يلزمه إعادة الصلاة تردد والأول هو ما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي والثاني هو ما اعتمده بخطه في هامش شرح الروض ويوجه بالفرق بينه وبين الصوم بأن من شأن الصلاة أن تتكرر وتكثر فلو أوجبنا الإعادة كان مظنة المشقة أو كثرتها وبأن من لازم الصوم في المحل الواحد الاتفاق فيه في وقت أدائه من غير أن يتقدم أو يتأخر أحد على غيره بخلاف الصلاة فإن من شأنها التقدم والتأخر في الأداء فلو لم نوجب موافقة المنتقل إليهم في الصوم تحققت المخالفة ولو لم نوجب موافقتهم في إعادة المغرب لم تتحقق المخالفة فليتأمل ولو عيد ببلده وأدى زكاة الفطر فيه ثم سارت سفينته لبلدة أهلها صيام وأوجبنا عليه الإمساك معهم ثم أصبح معيدا معهم فهل يلزمه إعادة زكاة الفطر فيه نظر ويتجه عدم اللزوم ؛ لأن غاية الأمر أن تأديتها ببلده وقع تعجيلا وهو جائز وإن كان المؤدى أو المستحق أو المال وقت الوجوب ببلدة [ ص: 386 ] أخرى كما اعتمد ذلك شيخنا الشهاب م ر والبدن في زكاة الفطر نظير المال في زكاته فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( سفينته ) أي مثلا نهاية قول المتن ( إلى بلدة بعيدة ) وظاهر أنه لا فرق بين وصوله لنفس تلك البلدة أو إلى مكان قريب أو بعيد منها حيث وافقها في المطلع بل قد يقال لا حاجة لذلك ؛ لأن المراد بالبلد المكان فيشمل ما وصل إليه لكن قد يبعد ذلك إن لم يكن فيه ناس سم وقوله ؛ لأن [ ص: 385 ] المراد إلخ أي ولذا عبر المنهج بالمحل ( قوله أنه عبر ثم بصام وهنا بأمسك ) لعله حكاية بالمعنى وإلا فلم يعبر ثم بصام ولا هنا بأمسك سم ( قوله ووقع لبعضهم إلخ ) عبارة النهاية والمغني وتتصور المسألة بأن يكون ذلك يوم الثلاثين من صوم البلدين لكن المنتقل إليهم لم يروه وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم ا هـ .

                                                                                                                              وفي الكردي عن الرافعي في العزيز ما يوافقه وظاهر أن التصوير الثاني يحتاج إلى ما قاله الشارح وإلا لزم التكرار وأن التصوير الأول لا يناسب لفرض الكلام في اختلاف المطالع قول المتن ( فالأصح أنه يمسك إلخ ) ينبغي أن يشترط قصد الإمساك الواجب فلا يكفي الإمساك مع الغفلة أو لغرض آخر م ر ا هـ سم ( قوله لما تقرر إلخ ) هل يلزمه قضاؤه إذا كان يوم الثلاثين أخذا من التعليل فيه نظر ويتجه أنه إن وصل إليهم نهارا لم يلزمه قضاء ؛ لأنه إنما ثبت له حكمهم من حين الوصول وإن وصل إليهم قبل الفجر لزمه صوم ذلك اليوم وقضاؤه إن لم يصمه بقي ما لو كان هذا اليوم أحدا وثلاثين في حقه ووصل إليهم قبل فجره وأفطره فهل يلزمه قضاؤه فيه نظر وقياس أنه صار حكمه حكمهم لزوم القضاء وإن لزم أن يكون صومه أحدا وثلاثين ؛ لأنه بطريق العرض بل قد يتكرر الانتقال فيكون أكثر من أحد وثلاثين سم ( فائدة )

                                                                                                                              يسن عند رؤية الهلال أن يقول الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربنا وربك الله الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أسألك خير هذا الشهر وأعوذ بك من شر القدر وشر المحشر ومرتين هلال خير ورشد وثلاثا آمنت بالذي خلقك ثم الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا للاتباع في كل ذلك نهاية زاد المغني ويسن أن يقرأ بعد ذلك سورة تبارك لأثر فيه ولأنها المنجية الواقية ا هـ قال ع ش قوله م ر يسن عند رؤية الهلال إلخ هو ظاهر إذا رآه في أول ليلة أما لو رآه بعدها فالظاهر عدم سنه وإن سمي هلالا فيها بأن لم تمض عليه ثلاث ليال وإن كان عدم رؤيته له لضعف في بصره وينبغي أن المراد برؤيته العلم به كالأعمى إذا أخبر به والبصير الذي لم يره لمانع ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية