الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجب ) لا فورا بل عند إرادة نحو صلاة [ ص: 174 ] أو ضيق وقت وحينئذ لو تعين الماء وعلم أن ثم من لا يغض بصره عن عورته لم يعذر بخلاف نظيره في الجمعة ؛ لأنهم توسعوا فيها بأعذار هذا أشد من كثير منها بخلاف إخراج الصلاة عن وقتها ( الاستنجاء ) للأحاديث الآمرة به مع التوعد في بعضها على تركه من النجو ، وهو القطع فكأن المستنجي يقطع به الأذى عن نفسه مقدما وجوبا على طهر سلس ومتيمم وندبا في غيره ( بماء ) على الأصل ، ويكفي فيه غلبة ظن زوال النجاسة ولا يسن حينئذ شم يده وزعم وجوبه رددته في شرح العباب ، وهو من يده دليل على نجاسة يده فقط إلا أن يشمها من الملاقي للمحل فإنه دليل على نجاستهما كما هو ظاهر .

                                                                                                                              والكلام في ريح لم تعسر إزالتها كما يعلم مما يأتي ولو توقفت في المحل على نحو أشنان أو صابون فقضية إطلاقهم ثم الوجوب هنا وفيه من العسر ما لا يخفى ، وينبغي الاسترخاء لئلا يبقى أثرها في تضاعيف شرج المقعدة فليتنبه لذلك ( أو حجر ) ونحوه للاتباع ومر حكم ماء زمزم وحجر الحرم كغيره ( وجمعهما ) [ ص: 175 ] في بول أو غائط بأن يقدم الحجر ( أفضل ) من الاقتصار على أحدهما ليجتنب مس النجاسة لإزالة عينها بالحجر ومن ثم حصل أصل السنة هنا بالنجس خلافا لمن نازع فيه ولمن نقل عن نص كلام الأصحاب أنه يأثم به .

                                                                                                                              وإن قيل محله أن فعله عبثا وبدون الثلاث مع الإنقاء فيهما والاقتصار على الماء أفضل منه على الحجر ؛ لأنه يزيلهما بل يتعين في قبلي مشكل دون ثقبته التي بمحلهما على الأوجه لأصالتها حينئذ وفي ثقبة منفتحة وبول الأقلف إذا وصل للجلدة وبول ثيب أو بكر وصل لمدخل الذكر يقينا لا في دم حيض أو نفاس لم ينتشر عن محله فلها بعد الانقطاع ولو ثيبا الاستنجاء به فيما إذا أرادت التيمم لفقد الماء ولا إعادة عليها ويوجه ما ذكر في البول الواصل لمدخل الذكر بأنه يلزم من انتقاله لمدخله انتشاره عن محله إلى ما لا يجزئ فيه الحجر فليس السبب عدم وصول الحجر لمدخله خلافا لمن وهم فيه ؛ لأن نحو الخرقة تصل له واعلم أن الواجب عليها غسل ما ظهر بجلوسها على قدميها ونازع فيه الإسنوي بأن المتجه هو الوجه الموجب لغسل باطن فرجها ؛ لأنه صار ظاهرا بالثيابة قال كما يجب غسل باطن الفم من النجاسة دون الجنابة انتهى ولك رده بأن باطن الفرج الذي لا يظهر بالجلوس على القدمين لا يشبه الفم ؛ لأنه يظهر ولا يعسر إيصال الماء إليه فمن ثم فصل فيه بين الجنابة والنجاسة .

                                                                                                                              وأما باطن الفرج المذكور فلا يظهر أصلا ، ويعسر إيصال الماء إليه فلم يجب غسله في جنابة ولا نجاسة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو ضيق وقت ) [ ص: 175 ] ينبغي أو خوف انتشار وتضمخ بالنجاسة ( قوله : أنه يأثم ) الوجه الوجيه أنه يأثم بالنجس استقلالا بقصد العبادة لا مع الماء



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويجب الاستنجاء ) شرع مع الوضوء ليلة الإسراء وقيل في أول البعثة ، وهو رخصة ومن خصائصنا وأما بالماء فليس من خصائصنا والوجوب في حق غير الأنبياء ؛ لأن فضلاتهم طاهرة شيخنا و ع ش ( قوله : لا فورا ) كذا في النهاية والمغني ( قوله : بل عند إرادة نحو صلاة ) أي حقيقة أو حكما بأن دخل وقت الصلاة ، وإن لم يرد فعلها في أوله والحاصل أنه بدخول الوقت وجب [ ص: 174 ] الاستنجاء وجوبا موسعا بسعة الوقت ومضيقا بضيقه كبقية الشروط ع ش ( قوله : نحو صلاة ) أي مما يتوقف على الوضوء كطواف وسجدة تلاوة كردي .

                                                                                                                              ( قوله : أو ضيق وقت ) ينبغي أو خوف انتشار وتضمخ بالنجاسة سم وفيه ما يأتي عن ع ش ( قوله : وحينئذ ) أي حين إذ ضاق الوقت ( قوله : من لا يغض إلخ ) أي ممن يحرم نظره ( قوله : لم يعذر ) أي في ترك الاستنجاء بل وجب عليه التكشف والاستنجاء وفاقا للنهاية والإمداد والإيعاب كما مر ( قوله : لأنهم توسعوا إلخ ) ؛ ولأن لها بدلا ولا كذلك الوقت نهاية ( قوله : من النجو إلخ ) أي الاستنجاء مأخوذ من النجو بمعنى القطع فمعناه لغة طلب قطع الأذى وأما شرعا فهو إزالة الخارج النجس الملوث من الفرج عن الفرج بماء أو حجر بشرطه شيخنا ( قوله : فكأن المستنجي إلخ ) إنما أتى بكأن التي للظن مع أن قطع الأذى محقق ؛ لأن القطع الحقيقي إنما يكون في متصل الأجزاء الحسية مع شدة كالحبل والأذى ليس كذلك على أنها قد تأتي للتحقيق شيخنا ( قوله مقدما وجوبا ) إلى قوله إلا إن شمها في النهاية والمغني إلا قوله ولا يسن إلى ، وهو ( قوله : وندبا في غيره ) عبارة النهاية والمغني ، ويجوز تأخيره عن وضوء السليم ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش أي ما لم يؤد التأخير للانتشار والتضمخ بالنجاسة سم على المنهج وقد يتوقف فيه فإن التضمخ بالنجاسة إنما يحرم حيث كان عبثا وهذا نشأ عما يحتاج إليه نعم إن قضى حاجته في الوقت وعلم أنه لا يجد الماء في الوقت وجب بالحجر فورا كما هو ظاهر ويوافق هذا الحمل ما ذكره بعده بقوله فرع لو قضى الحاجة بمكان لا ماء فيه وعلم أنه لا يجد الماء في الوقت وقد دخل الوقت فينبغي أن يجب الاستنجاء بالحجر فورا لئلا يجف الخارج ا هـ وأفهم تقييد قضاء الحاجة بكونه في الوقت أنه لو قضى حاجته قبله لا يجب الفور ويوجه بأنه قبل الدخول لم يخاطب بالصلاة ؛ ولهذا لو كان معه ماء وباعه قبل الوقت صح ، وإن علم أنه لا يجب بدله في الوقت ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : على الأصل ) أي في إزالة النجاسة والاكتفاء فيها بالحجر رخصة خارجة عن الأصل كردي ( قوله : ويكفي فيه ) أي في حصول الاستنجاء وسقوط طلبه ( قوله : غلبة ظن زوال النجاسة ) وعلامته ظهور الخشونة بعد النعومة في الذكر وأما الأنثى فبالعكس قاله شيخنا ( قوله : حينئذ ) أي حين وجود غلبة ظن الزوال ( قوله : وهو ) أي شم رائحة النجاسة ( قوله دليل على نجاسة يده إلخ ) فلا يصح صلاته قبل غسلها ، ويتنجس ما أصابها مع الرطوبة إن علم ملاقاته لعين محل النجاسة بخلاف ما لو شك هل الإصابة بموضع النجاسة أو غيره ؛ لأنا لا ننجس بالشك ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فإنه دليل على نجاستهما ) خلافا للنهاية والمغني وللزيادي وشيخنا عبارتهما ولو شم رائحة النجاسة في يده وجب غسلها ولم يجب غسل المحل ؛ لأن الشارع خفف في هذا المحل حيث اكتفى فيه بالحجر مع القدرة على الماء قال بعض المتأخرين إلا إن شم الرائحة من محل لاقى المحل فيجب غسل المحل أيضا وإطلاقهم يخالفه ا هـ وعبارة الأولين ولا يضر شم ريحها بيده فلا يدل على بقائها على المحل ، وإن حكمنا على يده بالنجاسة ؛ لأنا لم نتحقق أن محل الريح باطن الإصبع الذي كان ملاصقا للمحل لاحتمال أنه في جوانبه فلا ننجس بالشك أو أن هذا المحل قد خفف فيه في الاستنجاء بالحجر فخفف فيه هنا ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر باطن الإصبع مقتضاه أنه لو تحقق الريح في باطنه حكم بنجاسة المحل فيجب إعادة الاستنجاء وبه جزم حج ومقتضى قوله أو أن هذا المحل إلخ عدم ذلك وقوله م ر فخفف إلخ يؤخذ منه أنه لو توقفت إزالة الرائحة على أشنان أو غيره لم يجب ، وهو ظاهر للعلة المذكورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مما يأتي ) أي في باب النجاسة ( قوله : ولو توقفت ) أي إزالة الريح ( قوله : وفيه من العسر إلخ ) ولذا اعتمد ع ش عدم الوجوب كما مر آنفا ( قوله : وينبغي إلخ ) عبارة شيخنا ولا بد أن يسترخي لئلا تبقى النجاسة في تضاعيف الفرج فيسترخي حتى تنغسل تضاعيف المقعدة من كل من الرجل والمرأة وتضاعيف فرج المرأة ا هـ قول المتن ( أو حجر ) علم منه أن الواجب أحدهما وشمل إطلاقه حجر الذهب والفضة إذا كان كل منهما قالعا ، وهو الأصح مغني ( قوله ونحوه ) يغني عنه قول المصنف وفي معنى الحجر إلخ ( قوله ومر إلخ ) أي في شرح ويكره المشمس عبارته هناك ولا يكره الطهر بماء زمزم لكن الأولى عدم إزالة النجس به ا هـ ( قوله : حكم ماء زمزم إلخ ) عبارة النهاية والمغني وشمل إطلاقه ماء زمزم وأحجار الحرم فيجوز بهما على الأصح ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش [ ص: 175 ] قوله : م ر زمزم بمنع الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي وقوله م ر وأحجار الحرم ولو استنجى بحجر من المسجد ، فإن كان متصلا حرم ولم يجزه ، وإن كان منفصلا ، فإن بيع بيعا صحيحا وانقطعت نسبته عن المسجد كفى الاستنجاء به وإلا فلا كما نقله ابن حجر في شرح العباب عن الشامل وأقره ومثل المسجد غيره من المدارس والرباطات وخرج بالمسجد حريمه ورحابه ما لم يعلم وقفيتها وقوله م ر فيجوز بهما إلخ والقياس الكراهة خروجا من الخلاف لكن قال الزيادي أي وابن حج المعتمد أنه بماء زمزم خلاف الأولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : هنا ) أي في الجمع ( قوله : في بول ) إلى قوله وفي ثقبة في النهاية إلا قوله خلافا إلى وبدون الثلاث وإلى قوله فليس في المغني إلا قوله : ذلك وقوله أو بكر ( قوله : أصل السنة ) .

                                                                                                                              وأما كمال السنة فلا بد من بقية شروط الاستنجاء بالحجر نهاية ومغني ( قوله : وحجر الحرم كغيره ) مبتدأ وخبر قول المتن ( وجمعهما أفضل ) أي ، فإن تركه كان مكروها ع ش وفيه وقفة ظاهرة ( قوله بالنجس ) ولو من مغلظ ، وإن وجب التسبيع بعد ذلك شيخنا و ع ش عبارة الكردي وفي الإيعاب قال بعضهم وقد يجب استعمال النجاسة فيه بأن يكون معه من الماء ما لا يكفيه لو لم يزله بالنجس الذي لم يجد غيره وذكره أيضا في الإمداد من غير عزو لبعضهم وفي الإمداد يتجه إلحاق بعضهم سائر النجاسات العينية بذلك فيسن فيها الجمع لما ذكر وكذا في الحلبي على المنهج .

                                                                                                                              وقال سم في حواشي المنهج ظاهر كلامهم وفاقا ل م ر بالفهم عدم الاستحباب ؛ لأنهم إنما ذكروا ذلك في الاستنجاء انتهى كردي وفي ع ش بعد ذكر كلام سم المذكور ما نصه وقد يقال إن أدت إزالتها إلى مخامرة النجاسة باليد استحب إزالتها بالجامد أولا قياسا على الاستنجاء لوجود العلة فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أنه يأثم به ) الوجه الوجيه أنه يأثم بالنجس استقلالا بقصد العبادة لا مع الماء سم .

                                                                                                                              ( قوله : محله ) أي النص أو الإثم ( إن فعله ) أي النجس ( قوله : وبدون الثلاث ) عطف على بالجنس ( قوله : فيهما ) أي بالنجس والدون ( قوله بل يتعين إلخ ) عبارة النهاية والخنثى المشكل ليس له أن يقتصر على الحجر إذا بال من فرجيه أو من أحدهما لالتباس الأصلي بالزائد نعم إن لم يكن له آلتا الذكر والأنثى بل آلة لا تشبه واحدة منهما يخرج منها البول اتجه فيه إجزاء الحجر لانتفاء احتمال الزيادة ، وإن كان مشكلا في ذاته ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : لانتفاء إلخ يؤخذ منه أن مثل ذلك محل الجب فيكفي فيه الحجر ؛ لأنه أصل الذكر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أفضل منه إلخ ) وفي الكردي عن الإيعاب هذا إن لم يجد في نفسه كراهة الحجر أو نحوه مما يأتي في مسح الخف وغيره وإلا فالحجر أفضل إلخ ( قوله : وفي ثقبة منفتحة ) زاد المغني تحت المعدة ولو كان الأصلي منسدا أي إذا كان الانسداد عارضا كما مر ا هـ عبارة الكردي ، وإن قامت مقام الأصلي في انتقاض الوضوء بخارجها بأن انفتحت تحت السرة وانسد الأصلي وهذا في الانفتاح العارض مما أطبق عليه المتأخرون أما الخلقي فقد مر في أسباب الحدث الخلاف فيه ، وأن الشارح كشيخ الإسلام جرى على أنه كالانسداد العارض وجرى الجمال الرملي أي والمغني على أن الأحكام جميعها تثبت حينئذ للمنفتح ومنها إجزاء الحجر فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو بكر ) قال المغني بخلاف البكر ؛ لأن البكارة تمنع نزول البول إلى مدخل الذكر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بعد الانقطاع إلخ ) عبارة المغني وفائدته فيمن انقطع دمها وعجزت عن استعمال الماء واستنجت بالحجر ثم تيممت لنحو مرض فإنها تصلي ولا إعادة عليها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فليس السبب ) أي تعين الماء ( قوله عليها ) أي المرأة ولو ثيبة ( قوله لباطن فرجها ) أي الذي لا يظهر بالجلوس على القدمين ( قوله : قال ) أي الإسنوي وكذا ضمير رده




                                                                                                                              الخدمات العلمية