الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  سورة الرعد

                                                                                                                                                                  بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ) .

                                                                                                                                                                  546 - أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ قال : أخبرنا أبو سعيد بن عبد الله بن محمد بن نصير قال : أخبرنا محمد بن أيوب الرازي قال : أخبرنا عبد الله بن عبد الوهاب قال : حدثنا علي بن أبي سارة الشيباني قال : حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا مرة إلى رجل من فراعنة العرب ، فقال : " اذهب فادعه لي " . فقال : يا رسول الله ، إنه أعتى من ذلك . قال : " اذهب فادعه لي " . قال : فذهب إليه ، فقال : يدعوك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وما الله ؟ أمن ذهب هو أو من فضة أو من نحاس ؟ قال : [ ص: 142 ] فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، وقال : قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، قال لي كذا وكذا . فقال : " ارجع إليه الثانية فادعه " ، فرجع إليه ، فأعاد عليه مثل الكلام الأول ، فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال : " ارجع إليه " ، فرجع الثالثة فأعاد عليه ذلك الكلام ، فبينا هو يكلمني إذ بعثت إليه سحابة حيال رأسه فرعدت فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، فأنزل الله تعالى : ( ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ) .

                                                                                                                                                                  547 - وقال ابن عباس في رواية أبي صالح ، وابن جريج ، وابن زيد : نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة ، وذلك أنهما أقبلا يريدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك ، فقال : " دعه فإن يرد الله به خيرا يهده " ، فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا محمد ، ما لي إن أسلمت ؟ قال : " لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم " ، قال : تجعل لي الأمر [ من ] بعدك ؟ قال : " لا ليس ذلك إلي إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء " قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر . قال : " لا " ، قال : فماذا تجعل لي ؟ قال : " أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها " ، قال : أوليس ذلك إلي اليوم ؟ وكان أوصى [ إلى ] أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف ، فجعل يخاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويراجعه ، فدار أربد خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليضربه ، فاخترط من سيفه شبرا ، ثم حبسه الله تعالى فلم يقدر على سله ، وجعل عامر يومئ إليه ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أربد وما يصنع بسيفه ، فقال : " اللهم اكفنيهما بما شئت " ، فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته ، وولى عامر هاربا ، وقال : يا محمد دعوت ربك فقتل أربد ، والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يمنعك الله تعالى من ذلك وأبناء قيلة " - يريد الأوس والخزرج - فنزل عامر بيت امرأة سلولية ، فلما أصبح ضم عليه سلاحه ، فخرج وهو يقول : واللات [ والعزى ] لئن أصحر محمد إلي وصاحبه - يعني ملك الموت - لأنفذنهما برمحي ، فلما رأى تعالى ذلك منه أرسل ملكا فلطمه بجناحيه ، فأذراه في التراب ، وخرجت على ركبته غدة في الوقت عظيمة كغدة البعير ، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول : غدة كغدة البعير ، وموت في بيت السلولية ، ثم مات على ظهر فرسه ، وأنزل الله تعالى فيه هذه القصة : ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ) حتى بلغ ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية