الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1544 1624 - قال: وسألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال: لا يقرب امرأته حتى يطوف بين الصفا والمروة. [انظر: 396 - فتح: 3 \ 485]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ذكر حديث سفيان عن عمرو، سألنا ابن عمر: أيقع الرجل على امرأته في العمرة .. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف بطوله في الصلاة في باب قوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة: 125] .

                                                                                                                                                                                                                              وترجم له أيضا بعد باب: من صلى ركعتي الطواف خلف المقام .

                                                                                                                                                                                                                              والسنة أن يصلي بعد فراغه من طوافه ركعتين; للاتباع كما قررناه، [ ص: 424 ] فإن تعدد طوافه فلكل طواف كذلك، فإن تعدد من غير صلاة، ثم صلى لكل طواف ركعتيه جاز، لكنه تارك للأفضل، ولا يكره، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها، والمسور بن مخرمة ، حتى قال الضميري من أصحابنا: لو طاف أسابيع متصلة ثم صلى ركعتين جاز. وحكى ابن التين عن بعض أصحابنا أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف أسابيع وركع لها ركعتين، وقال ابن الجلاب: يكره أن يطوف أسابيع، ويؤخر ركوعها حتى يركعه في موضع واحد، وليركع لكل أسبوع ركعتين إن فعل ذلك، هذا هو المشهور من مذهبه .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن القاسم: يصلي ركعتين فقط كسائر الأسابيع ، وقيل: يجوز أن يصلي أسابيع على الوتر، كالثلاثة والخمسة والسبعة، ولا يجوز على الشفع، وقيل: يجوز واحد وثلاثة، ولا يجوز أكثر من ذلك، حكاها ابن التين، قال: وهذه أقاويل ليس منها شيء في مذهب مالك، ولو صلى فريضة أخرى أجزأت عندنا عنهما، كتحية المسجد، نص عليه الشافعي في القديم ، واستبعده الإمام، وهو غلط، نعم هي مسألة خلافية، فمن طاف أسبوعا ثم وافق صلاة مكتوبة، هل تجزئه من ركعتي الطواف؟ فروي عن ابن عمر إجازته، خلاف ما ذكره البخاري عنه أنه كان يفعله، وروي مثله عن [ ص: 425 ] سالم وعطاء وأبي الشعثاء . قال أبو الشعثاء: ولو طاف خمسة. وقال الزهري ومالك وأبو حنيفة: لا يجزئه .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر: ويشبه مذهب الشافعي، وهو قول أبي ثور، واحتجاج ابن شهاب على عطاء في هذا الباب أنه - عليه السلام - لم يطف سبعا قط إلا صلى ركعتين، في أنه لا تجزئه المكتوبة منهما. وكان طاوس يصلي لكل أسبوع أربع ركعات، فذكر لابن جريج فقال: حدثنا عطاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي كل سبوع ركعتين ، وعلى هذا مذاهب الفقهاء.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين، وأجمعوا أن من فعل فعلته - صلى الله عليه وسلم - فهو متبع للسنة .

                                                                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة أن يجمع أسابيع، ثم يركع لها كلها. روي ذلك عن عائشة كما سلف وعطاء وطاوس ، وبه قال أبو يوسف، وأحمد، وإسحاق .

                                                                                                                                                                                                                              وكره ذلك ابن عمر، والحسن البصري، وعروة، والزهري، وهو قول مالك، والكوفيين، وأبي ثور، وهذا القول أولى; لأن فاعلهم متبع للسنة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 426 ] قال ابن المنذر: وأرجو أن يجزئ القول الأول، وهو كمن صلى وعليه صلاة ثم صلاها بعد طوافه. قال: وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتي الطواف عند المقام، وأجمع العلماء أن الطائف يجزئه أن يركعها حيث شاء، إلا مالكا، فإنه كره أن يركعهما في الحجر ، وقد صلى ابن عمر ركعتي الطواف في البيت ، وصلاها ابن الزبير في الحجر. قال مالك: ومن صلى ركعتي الطواف الواجب في الحجر أعاد الطواف والسعي بين الصفا والمروة، وإن لم يركعهما حتى بلغ بلده أهراق دما، ولا إعادة عليه .

                                                                                                                                                                                                                              والهدي للتفرقة بين الطواف وصلاته. قال ابن المنذر: ولا يخلو من صلى في الحجر ركوع الطواف أن يكون قد صلاهما، فلا إعادة عليه، أو يكون في معنى من لم يصلهما فعليه أن يعيد أبدا، فإما أن يكون بمكة في معنى من لم يصلهما، وإن رجع إلى بلاده في معنى من قد صلاهما، فلا أعلم لقائله حجة في التفريق بين ذلك، ولا أعلم الدم يجب في شيء من أبواب الطواف، وقول عمرو: وسألنا ابن عمر: أيقع الرجل على امرأته في العمرة قبل أن يطوف بين الصفا والمروة؟ قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره، وأنه لا بد من السعي، قال: وسألت جابرا فذكر مثله، وفيه خلاف للعلماء، والأظهر عندنا: أنه ركن فيها ، فإذا وطئ قبله فسدت، وتقضى كالحج، وخالف داود فقال: لا يقضى فاسد الحج والعمرة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 427 ] وفي إرداف الحج على العمرة قولان في مذهب مالك: أجازه ابن الماجشون، ومنعه ابن القاسم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية