الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان وقت الأذان والإقامة فوقتهما ما هو وقت الصلوات المكتوبات ، حتى لو أذن قبل دخول الوقت لا يجزئه ويعيده إذا دخل الوقت في الصلوات كلها في قول أبي حنيفة ومحمد .

                                                                                                                                وقد قال أبو يوسف : أخيرا لا بأس بأن يؤذن للفجر في النصف الأخير من الليل ، وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                ( واحتجا ) بما روى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه أن بلالا كان يؤذن بليل ، وفي رواية قال : { لا يغرنكم أذان بلال عن السحور فإنه يؤذن بليل } ; ولأن وقت الفجر مشتبه ، وفي مراعاته بعض الحرج بخلاف سائر الصلوات .

                                                                                                                                ولأبي حنيفة ومحمد ما روى شداد مولى عياض بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال { لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا } ، ومد يده عرضا ; ولأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت ، والإعلام بالدخول قبل الدخول كذب ، وكذا هو من باب الخيانة في الأمانة ، والمؤذن مؤتمن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا لم يجز في سائر الصلوات ; ولأن الأذان قبل الفجر [ ص: 155 ] يؤدي إلى الضرر بالناس ; لأن ذلك وقت نومهم خصوصا في حق من تهجد في النصف الأول من الليل ، فربما يلتبس الأمر عليهم ، وذلك مكروه .

                                                                                                                                وروي أن الحسن البصري كان إذا سمع من يؤذن قبل طلوع الفجر قال : علوج فراغ لا يصلون إلا في الوقت ، لو أدركهم عمر لأدبهم ، وبلال رضي الله عنه ما كان يؤذن بليل لصلاة الفجر بل لمعان أخر ، لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { لا يمنعنكم من السحور أذان بلال فإنه يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرد قائمكم ويتسحر صائمكم ، فعليكم بأذان ابن أم مكتوم } .

                                                                                                                                وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم فرقتين : فرقة يتهجدون في النصف الأول من الليل ، وفرقة في النصف الأخير ، وكان الفاصل أذان بلال ، والدليل على أن أذان بلال كان لهذه المعاني لا لصلاة الفجر أن ابن أم مكتوم كان يعيده ثانيا بعد طلوع الفجر ، وما ذكر من المعنى غير سديد ; لأن الفجر الصادق المستطير في الأفق مستبين لا اشتباه فيه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية