الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5922 51 - حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا يزيد عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة أنه قدم الشأم ( ح) وحدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب علقمة إلى الشأم فأتى المسجد فصلى ركعتين، فقال: اللهم ارزقني جليسا، فقعد إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أليس فيكم صاحب السر الذي كان لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة، أليس فيكم أو كان فيكم الذي أجاره الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان؟ يعني عمارا، أوليس فيكم صاحب السواك والوساد؟ يعني ابن مسعود، كيف كان عبد الله يقرأ: والليل إذا يغشى قال: الذكر والأنثى، فقال: ما زال هؤلاء حتى كادوا يشككوني، وقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله:"والوساد" ويحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريا البخاري البيكندي، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين، ويزيد، من الزيادة، هو ابن هارون الواسطي، مات بواسط سنة ست ومائتين، ومغيرة، بضم الميم وكسرها، ويقال أيضا: المغيرة بن مقسم، بكسر الميم وفتح السين المهملة، الضبي، وإبراهيم هو النخعي، وعلقمة هو ابن قيس النخعي، وأبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو الدرداء اسمه عويمر بن مالك.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في صفة إبليس مختصرا عن مالك بن إسماعيل، وفي باب مناقب عمار وحذيفة، وأخرجه فيه من طريقين عن مالك بن إسماعيل وسليمان بن حرب، وفي مناقب عبد الله بن مسعود عن موسى عن أبي عوانة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "جليسا" وقد مر في مناقب عمار: "جليسا صالحا". قوله: "فقال: ممن أنت؟" أي: قال أبو الدرداء لعلقمة. قوله: "صاحب السر"؛ قال الكرماني: أي: سر النفاق، وهو أنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ذكر أسماء المنافقين وعينهم لحذيفة وخصصه بهذه المنقبة؛ إذ لم يطلع عليه غيره. قلت: المراد بالسر فيما قيل: إنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أسر إلى حذيفة بأسماء سبعة عشر من المنافقين لم يعلمهم لأحد غيره، وكان عمر رضي الله تعالى عنه إذا مات من يشك فيه رصد حذيفة، فإن خرج في جنازته خرج وإلا لم يخرج. قوله: "أو كان فيكم" شك من شعبة. قوله: "الذي أجاره الله على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ وذلك أنه دعا بأمان من الشيطان، وقال: إنه طيب مطيب. قوله: "والوساد"، وفي رواية الكشميهني: "والوسادة"، وكان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب سواك رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ووسادته ومطهرته، قال الكرماني: والمشهور بدل الوسادة: السواد، بكسر السين المهملة؛ أي: السرار، أي: المسارة. قال الخطابي: السواد السرار، وهو ما روي عنه أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال له: آذنك علي على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي، وكان يختص عبد الله اختصاصا شديدا؛ لا يحجبه إذا جاءه، ولا يرده إذا سأل. قوله: "كيف كان عبد الله يقرأ؟"؛ القائل بهذا هو أبو الدرداء. قوله: "والذكر والأنثى" يعني قال علقمة: يقرأ عبد الله بن مسعود [ ص: 263 ] والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى و الذكر والأنثى بدون وما خلق وكان أبو الدرداء أيضا يقرأ كذلك، وأهل الشام كانوا يقرؤونه على القراءة المشهورة المتواترة، وهي: وما خلق الذكر والأنثى وكانوا يشككونه في قراءته الشاذة. قوله: "وقد سمعتها من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" وقد مر في مناقب عمار وحذيفة، والله لقد أقرأنيها رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - من فيه إلى في، وفي لفظ قال: ما زال هؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية