الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        30253 - قال مالك ، في الرجل يقول للرجل : اشتر هذه السلعة بيني وبينك ، وانقد عني وأنا أبيعها لك : إن ذلك لا يصلح ، حين قال : انقد عني وأنا أبيعها لك ، وإنما ذلك سلف يسلفه إياه ، على أن يبيعها له ، ولو أن تلك السلعة هلكت ، أو فاتت ، أخذ ذلك الرجل الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه ، فهذا من السلف الذي يجر منفعة .

                                                                                                                        30254 - قال مالك : ولو أن رجلا ابتاع سلعة ، فوجبت له ، ثم قال له رجل : أشركني بنصف هذه السلعة ، وأنا أبيعها لك جميعا ، كان ذلك حلالا لا بأس به ، وتفسير ذلك : أن هذا بيع جديد ، باعه نصف السلعة ، على أن يبيع له النصف الآخر .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        30255 - قال أبو عمر : قد بين مالك - رحمه الله - الوجه الذي لم يجز عنده ، قوله الذي يشركه انقد عني ، وأنا أبيعها لك أنه من باب سلف جر منفعة .

                                                                                                                        [ ص: 19 ] 30256 - وهو إذا صح ، وصرح به مجتمع على تحريمه ، وأجاز الوجه الآخر ; لأنه لا يدخله عنده إلا بيع وإجارة ، والبيع والإجارة جائز عنده في أصل مذهبه ، وعند جماعة أصحابه .

                                                                                                                        30257 - وأما الشافعي ، والكوفيون فلا يجوز عندهم بيع ، وإجارة ; لأن الثمن - حينئذ - يكون مجهولا عندهم ; لأنه لا يعرف مبلغه من مبلغ حق الإجارة في عقد السلعة ، والإجارة أيضا بيع منافع ، فصار ذلك بيعتان في بيعة .

                                                                                                                        30258 - والوجه الأول أيضا غير جائز عندهم ; لما ذكره مالك ، ولأنها إجارة مجهولة انعقدت مع الشركة ، والشركة لا تجوز عندهم قبل القبض ; لأنها بيع على ما ذكرنا عنهم ، ولا يجوز أن ينعقد معها ما تجهل به مبلغ ثمنها على ما وصفنا .

                                                                                                                        30259 - وقد اختلف قول مالك في الذي يسلف رجلا سلفا لمشاركة ، فمرة أجازه ، ومرة كرهه ، وقال : لا يجوز على حال .

                                                                                                                        30260 - واختار ابن القاسم جواز ذلك ، فروى ذلك كله عن مالك قال : وإن كان الذي أسلفه ليقاده ويضره بالتجارة ، ثم جعل مثل ما أسلفه وتشاركا على ذلك ، فلا يجوز ; لأنه جر إلى نفسه بسلفه منفعة ، وإن كان ذلك منه على وجه الرفق ، والمعروف .

                                                                                                                        [ ص: 20 ] 30261 - قال ابن القاسم : قد اختلف قول مالك في ذلك : فمرة أجازه ، ومرة كرهه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية