الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : لا بالرجوع ، والعفو ) أي لا يبطل برجوع القاذف عن الإقرار ولا بعفو المقذوف لما قدمناه وقد توهم بعض حنفية زماننا من عدم صحة العفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع عفو المقذوف وتعلق بما في فتح القدير من قوله ومنها العفو ، فإنه بعد ما ثبت عند الحاكم القذف ، والإحصان لو عفا المقذوف عن القاذف لا يصح منه العفو ويحد عندنا ا هـ .

                                                                                        وهو غلط فاحش فقد صرح في المبسوط بأنه إذا قضى القاضي بحد القذف على القاذف ثم عفا المقذوف عنه بعوض أو بغير عوض لم يسقط الحد ولكن الحد ، وإن لم يسقط بعفوه ، فإذا ذهب العافي لا يكون للإمام أن يستوفيه لما بينا أن الاستيفاء عند طلبه وقد ترك الطلب إلا إذا عاد وطلب فحينئذ يقيم الحد ; لأن العفو كان لغوا فكأنه لم يخاصم إلى الآن . ا هـ .

                                                                                        وفي غاية البيان معريا إلى الشامل لا يصح عفو المقذوف إلا أن يقول لم يقذفني أو كذب شهودي ; لأنه حق الله تعالى إلا أن خصومته شرط . ا هـ .

                                                                                        ويدل عليه أيضا ما في كافي الحاكم لو غاب المقذوف بعد ما ضرب بعض الحد لم يتم الحد إلا وهو حاضر لاحتمال العفو فالعفو الصريح أولى فتعين حمل ما في فتح القدير على ما إذا عاد وطلب .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله فقد صرح في المبسوط بأنه إذا قضى إلخ ) في الخانية من كتاب الصلح رجل قذف محصنا أو محصنة فأراد المقذوف حد القذف فصالحه القاذف على دراهم مسماة أو على شيء آخر على أن يعفو عنه ففعل لم يجز الصلح حتى لا يجب المال وهل يسقط الحد إن كان ذلك بعد ما رفع إلى القاضي لا يبطل الحد . ا هـ .

                                                                                        وهذا لا يعارض ما في المبسوط ; لأن قاضي خان إنما حكم بعدم بطلان الحد بالصلح ، وأما كونه [ ص: 40 ] يقام بغير طلب أم لا فساكت عنه وقد علم مما هنا حكمه أفاده في المنح وبهذا ظهر فائدة التقييد في كلام المبسوط بالعفو بعد القضاء بالنظر إلى ما إذا كان على عوض لما علمت من اقتضاء كلام الخانية أنه يبطل إذا كان الصلح على عوض وكان قبل الرفع وبه صرح في فصول العمادي كما نقله عنها بعضهم .




                                                                                        الخدمات العلمية