الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن غلبه القيء فلا بأس ) للخبر ( وكذا ) لا يفطر ( لو اقتلع نخامة ) من الدماغ أو الباطن ( ولفظها ) أي : رماها ( في الأصح ) ؛ لأن الحاجة لذلك تتكرر فرخص فيه لكن يسن قضاء يوم ككل ما في الفطر به خلاف يراعى كما هو ظاهر أما إذا لم يقتلعها بأن نزلت من محلها من الباطن إليه أو قلعها بسعال أو غيره فلفظها فإنه لا يفطر قطعا وأما لو ابتلعها مع قدرته على لفظها بعد وصولها لحد الظاهر فإنه يفطر قطعا ( فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم ) وهو مخرج الحاء المهملة فما بعده باطن [ ص: 400 ] ( تنبيه ) ذكر حد غير محتاج إليه في عبارته وإن أتى به شيخنا في مختصرها بل هو موهم إلا أن تجعل الإضافة بيانية وإنما يحتاج إليه من يريد تحديده ، وذكر الخلاف في الحد أهو المعجمة وعليه الرافعي وغيره أو المهملة وهو المعتمد كما تقرر فيدخل كل ما قبله ، ومنه المعجمة ( فليقطعها من مجراها وليمجها ) إن أمكنه حتى لا يصل منها شيء للباطن ( فإن تركها مع القدرة ) على لفظها ( فوصلت الجوف ) يعني : جاوزت الحد المذكور ( أفطر في الأصح ) لتقصيره بخلاف ما إذا لم تصل للظاهر ، وإن قدر على لفظها ، وما إذا وصلت إليه وعجز عن ذلك .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو الباطن ) هل يلزمه تطهير [ ص: 400 ] ما وصلت إليه من حد الظاهر حيث حكمنا بنجاستها أو يعفى عنه فيه نظر ولا يبعد العفو م ر ( قوله : أو الباطن ) صريح في أن اقتلاعها من الباطن ولو نجسة ليس من قبيل القيء خلافا لما توهم ( قوله وهو ) أي : حد لظاهر مخرج الحاء المهملة هذا يشكل مع قوله من الفم سواء جعلت من بيانية أو تبعيضية ؛ إذ مخرج الحاء خارج عن الفم كلا وبعضا إلا أن تجعل ابتدائية ، والمعنى أن الظاهر المبتدأ من الفم أي : الذي ابتداؤه الفم حده أي آخره من جهة الجوف مخرج الحاء المهملة وعلى هذا فالمراد بقوله وحصلت إلخ أنها حصلت في ذلك أو ما بعده إلى جهة الخارج فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وهو المعتمد ) قال في شرح العباب فالحق في قولهم الواصل إليه مفطر [ ص: 401 ] محمول على ما ضبطوا به الباطن منه فهو عند الفقهاء أخص منه عند أئمة العربية ا هـ أي : فإن كلا من مخرج الحاء المهملة ، ومخرج الخاء المعجمة من الحلق عند أئمة العربية دون الفقهاء هنا ؛ إذ لا فطر بالوصول لحد المهملة لخروجه عن الباطن المراد هنا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله للخبر ) أي : المار آنفا ( قوله أو الباطن ) صريح في أن اقتلاعها من الباطن ولو نجسة ليس من قبيل القيء خلافا لما توهم سم قول المتن .

                                                                                                                              ( نخامة ) هي الفضلة الغليظة التي يلفظها الشخص من فيه ويقال لها النخاعة بالعين مغني ( قوله أما إذا لم يقتلعها إلخ ) عبارة النهاية والمغني واحترز بقوله اقتلع عما لو لفظها مع نزولها بنفسها أو بغلبة سعال فلا بأس به جزما وبلفظها عما لو بقيت في محلها فلا يفطر جزما وعما لو ابتلعها بعد خروجها للظاهر فيفطر جزما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأن نزلت من محلها إلخ ) عبارة الرشيدي بأن نقلها من محلها الأصلي منه إلى محل آخر منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إليه ) أي : إلى الباطن ( قوله أو قلعها بسعال إلخ ) كذا في أصله رحمه الله تعالى والتعبير بقلع لا يلائم ؛ لأن هذه من محترزات اقتلع كما أفاده فالأنسب تعبير المغني مع نزولها بنفسها أو غلبة سعال بصري وقوله مع نزولها إلخ الأولى بأو نزلت ( قوله لحد الظاهر إلخ ) وهل يلزمه تطهير ما وصلت إليه من حد الظاهر حيث حكمنا بنجاستها أو يعفى عنه فيه نظر ولا يبعد العفو م ر ا هـ سم على حج وعليه لو كان في الصلاة وحصل له ذلك لم تبطل به صلاته ولا صومه إذا ابتلع ريقه ولو قيل بعدم العفو في هذه الحالة لم يكن بعيدا ؛ لأن هذه حصولها نادر وهي شبيهة بالقيء وهو لا يعفى عن شيء منه اللهم إلا أن يقال : إن كلامه مفروض فيما لو ابتلي بذلك كدم اللثة إذا ابتلي به ع ش وقوله نادر إلخ يمنعه قول الشارح ؛ لأن الحاجة لذلك تتكرر قول المتن ( فلو نزلت من دماغه وحصلت إلخ ) أي بأن انصبت من دماغه في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم نهاية ومغني ( قوله وهو ) أي : حد الظاهر مخرج الحاء المهملة هذا يشكل مع قوله من الفم سواء جعلت من بيانية أو تبعيضية ؛ إذ مخرج الحاء خارج عن الفم كلا وبعضا إلا أن تجعل ابتدائية والمعنى أن الظاهر المبتدأ من الفم أي : الذي ابتداؤه الفم حده أي آخره من جهة الجوف مخرج الحاء المهملة وعلى هذا فالمراد بقوله وحصلت إلخ أنها حصلت في ذلك أو ما بعده إلى جهة الخارج فليتأمل سم ( قوله فما بعده إلخ ) وهو مخرج الهاء والهمزة مغني [ ص: 400 ] زاد النهاية ومعنى الحلق عند الفقهاء أخص منه عند أئمة العربية ؛ إذ المعجمة والمهملة من حروف الحلق عندهم أي : أئمة العربية وإن كان مخرج المعجمة أدنى من مخرج المهملة ثم داخل الفم والأنف إلى منتهى الغلصمة والخيشوم له حكم الظاهر في الإفطار باستخراج القيء إليه وابتلاع النخامة منه وعدمه بدخول شيء فيه وإن أمسكه وإذا تنجس وجب غسله ، وله حكم الباطن في عدم الإفطار بابتلاع الريق منه وفي سقوط غسله من نحو الجنب وفارق وجوب غسل النجاسة عنه بأن تنجس البدن أندر من الجنابة فضيق فيه دونها ا هـ .

                                                                                                                              وقوله : ثم داخل الفم إلخ في شرح بافضل مثله إلا أنه أبدل منتهى الغلصمة بمنتهى المهملة قال ع ش قوله أخص منه أي : هو بعضه عند اللغويين وليس أخص بالمعنى المصطلح عليه عندهم ؛ لأنه ليس جزئيا من جزئيات مطلق الحلق ، وإنما هو جزء منه قال في المصباح والغلصمة أي : بمعجمة مفتوحة فلام ساكنة فمهملة رأس الحلقوم ، وهو الموضع الناتئ في الحلق والجمع غلاصم وقوله م ر ثم داخل الفم أي : إلى ما وراء مخرج الحاء المهملة وداخل الأنف إلى ما وراء الخياشيم ا هـ وقال الكردي : على بافضل فالخيشوم جميعه من الظاهر قال في العباب والقصبة من الخيشوم ا هـ وهي فوق المارن وهو ما لان من الأنف ا هـ ( قوله غير محتاج إليه ) موجه بصري ( قوله : في مختصرها ) أي : في مختصر عبارة المنهاج وهو المنهج ( قوله بل هو موهم ) محل تأمل ؛ لأن حكم ما عداه معلوم منه بالأولى اللهم إلا أن يقال الإيهام بالنظر لبادئ الرأي لكن قوله إلا أن تجعل الإضافة بيانية يقتضي أن الإيهام حقيقي لا ظاهري ؛ إذ مقتضاه أن الإيهام يرتفع بجعلها بيانية ، والحال أن الإيهام الظاهري لا يرتفع بذلك .

                                                                                                                              ( قوله : إلا أن تجعل الإضافة بيانية ) فيه نظر فإن شرطها أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم وخصوص وجهي وما هنا ليس كذلك ( قوله تحديده ) أي : بيان آخر الظاهر من جهة الجوف ويحتمل أن المعنى بيان حد الظاهر وتعريفه ( قوله وذكر الخلاف إلخ ) عطف على قوله تحديده ( قوله أهو المعجمة ) أي : مخرجها ( قوله وهو المعتمد ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله فيدخل ) أي : في الظاهر ( قوله كل ما قبله ) أي : قبل مخرج المهملة ( قوله : إن أمكنه ) إلى قوله بخلاف جوف إلخ في النهاية وكذا في المغني إلا قوله ومثله إلى وبخلاف إلخ ( قوله إن أمكنه إلخ ) فلو كان في الصلاة وهي فرض ولم يقدر على مجها إلا بظهور حرفين أي : أو أكثر لم تبطل صلاته بل يتعين أي القلع مراعاة لمصلحتهما أي : الصوم والصلاة كما يتنحنح لتعذر القراءة الواجبة كذا أفتى به الوالد رحمه الله تعالى نهاية مع زيادة من ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية