الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            القسم الرابع من مؤمني زمان محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين لم يوافقوا الرسول في الهجرة إلا أنهم بعد ذلك هاجروا إليه ، وهو المراد من قوله تعالى :( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : اختلفوا في المراد من قوله تعالى :( من بعد ) نقل الواحدي عن ابن عباس : بعد الحديبية وهي الهجرة الثانية ، وقيل بعد نزول هذه الآية ، وقيل : بعد يوم بدر ، والأصح أن المراد والذين هاجروا بعد الهجرة الأولى ، وهؤلاء هم التابعون بإحسان كما قال :( والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) [التوبة : 100] .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الأصح أن الهجرة انقطعت بفتح مكة ؛ لأن عنده صارت مكة بلد الإسلام وقال الحسن : الهجرة غير منقطعة أبدا ، وأما قوله عليه السلام : " لا هجرة بعد الفتح " فالمراد الهجرة المخصوصة ، فإنها انقطعت بالفتح وبقوة الإسلام ، أما لو اتفق في بعض الأزمان كون المؤمنين في بلد وفي عددهم قلة ، ويحصل للكفار بسبب كونهم معهم شوكة وإن هاجر المسلمون من تلك البلدة وانتقلوا إلى بلدة أخرى ضعفت شوكة الكفار ، فههنا تلزمهم الهجرة على ما قاله الحسن ؛ لأنه قد حصل فيهم مثل العلة في الهجرة من مكة إلى المدينة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قوله :( فأولئك منكم ) يدل على أن مرتبة هؤلاء دون مرتبة المهاجرين السابقين ؛ لأنه [ ص: 170 ] ألحق هؤلاء بهم وجعلهم منهم في معرض التشريف ، ولولا كون القسم الأول أشرف وإلا لما صح هذا المعنى ، فهذا شرح هذه الأقسام الأربعة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية