الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 286 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( 106 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وما يقر أكثر هؤلاء الذين وصف عز وجل صفتهم بقوله : ( وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) بالله أنه خالقه ورازقه وخالق كل شيء ( إلا وهم مشركون ) ، في عبادتهم الأوثان والأصنام ، واتخاذهم من دونه أربابا ، وزعمهم أن له ولدا ، تعالى الله عما يقولون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19954 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية ، قال : من إيمانهم ، إذا قيل لهم : من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا : الله . وهم مشركون .

19955 - حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال : تسألهم : من خلقهم؟ ومن خلق السماوات والأرض ، فيقولون : الله . فذلك إيمانهم بالله ، وهم يعبدون غيره .

19956 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، وعكرمة : ( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية ، قالا يعلمون أنه ربهم ، وأنه خلقهم ، وهم يشركون به . [ ص: 287 ]

19957 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، وعكرمة ، بنحوه .

19958 - . . . . قال : حدثنا ابن نمير ، عن نضر ، عن عكرمة : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال : من إيمانهم إذا قيل لهم : من خلق السماوات؟ قالوا : الله . وإذا سئلوا : من خلقهم؟ قالوا : الله . وهم يشركون به بعد .

19959 - . . . . قال : حدثنا أبو نعيم ، عن الفضل بن يزيد الثمالي ، عن عكرمة ، قال : هو قول الله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) [ سورة لقمان : 25 - سورة الزمر : 38 ] . فإذا سئلوا عن الله وعن صفته ، وصفوه بغير صفته ، وجعلوا له ولدا ، وأشركوا به .

19960 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، إيمانهم قولهم : الله خالقنا ، ويرزقنا ويميتنا .

19961 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، فإيمانهم قولهم : الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا .

19962 - حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، إيمانهم قولهم : الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا . ، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره .

19963 - . . . . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، [ ص: 288 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) قال : إيمانهم قولهم : الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا

19964 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا هانئ بن سعيد وأبو معاوية ، عن حجاج ، عن القاسم ، عن مجاهد ، قال : يقولون : " الله ربنا ، وهو يرزقنا " ، وهم يشركون به بعد .

19965 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : إيمانهم قولهم : الله خالقنا ، ويرزقنا ويميتنا .

19966 - . . . . قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو تميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن عكرمة ، ومجاهد ، وعامر : أنهم قالوا في هذه الآية : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال : ليس أحد إلا وهو يعلم أن الله خلقه وخلق السموات والأرض ، فهذا إيمانهم ، ويكفرون بما سوى ذلك .

19967 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، في إيمانهم هذا . إنك لست تلقى أحدا منهم إلا أنبأك أن الله ربه ، وهو الذي خلقه ورزقه ، وهو مشرك في عبادته .

19968 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية ، قال : لا تسأل أحدا من المشركين : من ربك؟ إلا قال : ربي الله! وهو يشرك في ذلك .

19969 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، يعني النصارى ، يقول : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) ، [ سورة لقمان : 25 - سورة الزمر : 38 ] ، ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) [ سورة الزخرف : 87 ] ، ولئن سألتهم من يرزقكم من السماء والأرض؟ ليقولن : الله . [ ص: 289 ] وهم مع ذلك يشركون به ويعبدون غيره ، ويسجدون للأنداد دونه . ؟

19970 - حدثني المثنى ، قال : أخبرنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : كانوا يشركون به في تلبيتهم .

19971 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن عبد الملك ، عن عطاء : ( وما يؤمن أكثرهم بالله ) ، الآية ، قال : يعلمون أن الله ربهم ، وهم يشركون به بعد .

19972 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، في قوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال : يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم ، وهم يشركون به .

19973 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال : سمعت ابن زيد يقول : ( وما يؤمن أكثرهم بالله ) ، الآية ، قال : ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله ، ويعرف أن الله ربه ، وأن الله خالقه ورازقه ، وهو يشرك به . ألا ترى كيف قال إبراهيم : ( أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ) [ سورة الشعراء : 75 - 77 ] ؟ قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون . قال : فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به . ألا ترى كيف كانت العرب تلبي تقول : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " ؟ المشركون كانوا يقولون هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية