الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وذروا البيع الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «حرمت التجارة يوم الجمعة ما بين الأذان الأول إلى الإقامة إلى انصراف الإمام؛ لأن الله يقول : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن محمد بن كعب أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخطب، فيدعونه ويقومون، فما هم إلا بيعا، حتى تقام الصلاة، فأنزل الله : [ ص: 479 ] يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع قال : فحرم عليهم ما كان قبل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن الزهري قال : الأذان الذي يحرم فيه البيع هو الأذان الذي عند خروج الإمام، قال : وأرى أن يترك البيع الآن، عند الأذان الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة قال : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة حرم الشراء والبيع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن الضحاك قال : إذا زالت الشمس من يوم الجمعة حرم البيع والتجارة حتى تقضى الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عطاء والحسن أنهما قالا ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن أيوب قال : لأهل المدينة ساعة يوم الجمعة ينادون : حرم البيع، وذلك عند خروج الإمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن ميمون بن مهران قال : كان بالمدينة إذا أذن المؤذن من يوم الجمعة ينادون في الأسواق : حرم البيع [ ص: 480 ] حرم البيع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن القاسم أن القاسم دخل على أهله في يوم الجمعة، وعندهم عطار يبايعونه، فاشتروا منه، وخرج القاسم إلى الجمعة فوجد الإمام قد خرج، فلما رجع أمرهم أن يناقضوه البيع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، عن مجاهد قال : من باع شيئا بعد الزوال يوم الجمعة فإن بيعه مردود؛ لأن الله تعالى نهى عن البيع إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : هل تعلم من شيء يحرم إذا أذن بالأولى سوى البيع؟ قال عطاء : إذا نودي بالأولى حرم اللهو والبيع، والصناعات كلها هي بمنزلة البيع، والرقاد، وأن يأتي الرجل أهله، وأن يكتب كتابا، قلت : إذا أذن بالأولى وجب الرواح حينئذ؟ قال : نعم، قلت : من أجل قوله : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة قال : نعم، فليدع حينئذ كل شيء وليرح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية