الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 505 ] وسئل عن جماعة يسبحون الله ويحمدونه ويكبرونه هل ذلك سنة أم مكروه ؟ وربما في الجماعة من يثقل بالتطويل من غير ضرورة ؟

                [ ص: 506 ]

                التالي السابق


                فأجاب : التسبيح والتكبير عقب الصلاة مستحب ليس بواجب ومن أراد أن يقوم قبل ذلك فله ذلك ولا ينكر عليه وليس لمن أراد فعل المستحب أن يتركه ولكن ينبغي للمأموم أن لا يقوم حتى ينصرف الإمام أي ينتقل عن القبلة ولا ينبغي للإمام أن يقعد بعد السلام مستقبل القبلة إلا مقدار ما يستغفر ثلاثا ويقول : { اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام } . وإذا انتقل الإمام فمن أراد أن يقوم قام ومن أحب أن يقعد يذكر الله فعل ذلك .



                [ ص: 506 ] وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله فصل وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : { سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسئولات مستنطقات } . وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك وروي أن أبا هريرة كان يسبح به .



                وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه فمن الناس من كرهه ومنهم من لم يكرهه وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه وأما اتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة : الأول محرم والثاني أقل أحواله الكراهة فإن مراءاة الناس في العبادات المختصة كالصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن من أعظم الذنوب قال الله [ ص: 507 ] تعالى : { فويل للمصلين } { الذين هم عن صلاتهم ساهون } { الذين هم يراءون } { ويمنعون الماعون } وقال تعالى : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } .

                فأما المرائي بالفرائض فكل أحد يعلم قبح حاله وأن الله يعاقبه لكونه لم يعبده مخلصا له الدين والله تعالى يقول : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } وقال تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص } فهذا في القرآن كثير . وأما المرائي بنوافل الصلاة والصوم والذكر وقراءة القرآن : فلا يظن الظان أنه يكتفى فيه بحبوط عمله فقط بحيث يكون لا له ولا عليه بل هو مستحق للذم والعقاب على قصده شهرة عبادة غير الله إذ هي عبادات مختصة ولا تصح إلا من مسلم ولا يجوز إيقاعها على غير وجه التقرب بخلاف ما فيه نفع العبد كالتعليم والإمامة فهذا في الاستئجار عليه نزاع بين العلماء والله أعلم .




                الخدمات العلمية