الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      2212 أخبرنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد قال حدثنا شعبة عن أبي إسحق عن أبي الأحوص قال عبد الله قال الله عز وجل الصوم لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان فرحة حين يلقى ربه وفرحة عند إفطاره ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2212 ( لخلوف فم الصائم ) بضم المعجمة واللام وسكون الواو والفاء قال عياض : هذه الرواية الصحيحة , وبعض الشيوخ يقوله بفتح الخاء قال الخطابي : وهو خطأ وحكي عن القابسي الوجهين , وبالغ النووي في شرح المهذب فقال : لا يجوز فتح الخاء , واحتج غيره لذلك بأن المصادر التي جاءت على فعول بفتح الفاء قليلة , وليس هذا منها ( أطيب عند الله من ريح المسك ) اختلف في ذلك مع أن الله منزه عن استطابة الروائح , إذ ذاك من صفات الحوادث , ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه , فقال المازري : هو مجاز ؛ لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا , فاستعير ذلك للصوم , لتقريبه من الله , فالمعنى : أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي : يقرب إليه من تقريب المسك إليكم , وإلى ذلك أشار [ ص: 162 ] ابن عبد البر , وقيل : المراد أن ذلك في حق الملائكة , وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك , وقيل : المعنى أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد ما هو عندكم , وهذا قريب من الأول , وقيل : المعنى أن الله يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك , كما يأتي المكلوم وريح جرحه يفوح مسكا , وقيل : المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك لا سيما بالإضافة إلى الخلوف حكاهما عياض , وقال الداودي , وجماعة : المعنى أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب إليه في الجمع , ومجالس الذكر , ورجح النووي هذا الأخير , وحاصله حمله معنى الطيب على القبول والرضا , فحصلنا على ستة أجوبة , وقد نقل القاضي [ ص: 163 ] حسين في تعليقه أن للطاعات يوم القيامة ريحا يفوح قال : فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك , وقد تنازع ابن عبد السلام , وابن الصلاح في هذه المسألة , فذهب ابن عبد السلام إلى أن ذلك في الآخرة , كما في دم الشهيد , واستدل بالرواية التي فيها يوم القيامة , وذهب ابن الصلاح إلى أن ذلك في الدنيا , واستدل بما رواه الحسن بن سفيان في مسنده , والبيهقي في الشعب من حديث جابر في أثناء حديث مرفوع في فضل هذه الأمة في رمضان , أما الثانية , فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك قال : وذهب جمهور العلماء إلى ذلك .




                                                                                                      الخدمات العلمية