الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3335 ) فصل : وإن تصرف الراهن بغير العتق ، كالبيع ، والإجارة ، والهبة ، والوقف ، والرهن ، وغيره ، فتصرفه باطل ; لأنه تصرف يبطل حق المرتهن من الوثيقة ، غير مبني على التغليب والسراية ، فلم يصح بغير إذن المرتهن ، كفسخ الرهن . فإن أذن فيه المرتهن ، صح ، وبطل الرهن ; لأنه أذن فيما ينافي حقه ، فيبطل بفعله ، كالعتق . وإن زوج الأمة المرهونة ، لم يصح .

                                                                                                                                            وهذا اختيار أبي الخطاب وقول مالك والشافعي ، وقال القاضي وجماعة من أصحابنا : يصح ، وللمرتهن منع الزوج من وطئها ، ومهرها رهن معها . وهذا مذهب أبي حنيفة لأن محل النكاح غير محل عقد الرهن ، ولذلك صح رهن الأمة المزوجة ، ولأن الرهن لا يزيل الملك ، فلا يمنع التزويج ، كالإجارة

                                                                                                                                            [ ص: 237 ] ولنا ، أنه تصرف في الرهن بما ينقص ثمنه ، ويستغل بعض منافعه ، فلم يملكه الراهن بغير رضا المرتهن ، كالإجارة ، ولا يخفي تنقيصه لثمنها ، فإنه يعطل منافع بعضها ، ويمنع مشتريها من وطئها وحلها ، ويوجب عليه تمكين زوجها من استمتاعها في الليل ، ويعرضها بوطئه للحمل الذي يخاف منه تلفها ، ويشغلها عن خدمته بتربية ولدها ، فتذهب الرغبة فيها ، وتنقص نقصا كثيرا ، وربما منع بيعها بالكلية

                                                                                                                                            وقولهم : إن محل عقد النكاح غير محل الرهن . غير صحيح ; فإن محل الرهن محل البيع ، والبيع يتناول جملتها ، ولهذا يباح لمشتريها استمتاعها ، وإنما صح رهن المزوجة لبقاء معظم المنفعة فيها ، وبقائها محلا للبيع ، كما يصح رهن المستأجرة ، ويفارق الرهن الإجارة ; فإن التزويج لا يؤثر في مقصود الإجارة ، ولا يمنع المستأجر من استيفاء المنافع المستحقة له ، ويؤثر في مقصود الرهن ، وهو استيفاء الدين من ثمنها ، فإن تزويجها يمنع بيعها ، أو ينقص ثمنها ، فلا يمكن استيفاء الدين بكماله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية