الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض قال مالك ولا بأس أن يشتري الرجل الذهب بالفضة والفضة بالذهب جزافا إذا كان تبرا أو حليا قد صيغ فأما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري شيئا من ذلك جزافا حتى يعلم ويعد فإن اشتري ذلك جزافا فإنما يراد به الغرر حين يترك عده ويشترى جزافا وليس هذا من بيوع المسلمين فأما ما كان يوزن من التبر والحلي فلا بأس أن يباع ذلك جزافا وإنما ابتياع ذلك جزافا كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافا ومثلها يكال فليس بابتياع ذلك جزافا بأس قال مالك من اشترى مصحفا أو سيفا أو خاتما وفي شيء من ذلك ذهب أو فضة بدنانير أو دراهم فإن ما اشتري من ذلك وفيه الذهب بدنانير فإنه ينظر إلى قيمته فإن كانت قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الذهب الثلث فذلك جائز لا بأس به إذا كان ذلك يدا بيد ولا يكون فيه تأخير وما اشتري من ذلك بالورق مما فيه الورق نظر إلى قيمته فإن كان قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الورق الثلث فذلك جائز لا بأس به إذا كان ذلك يدا بيد ولم يزل ذلك من أمر الناس عندنا [ ص: 422 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 422 ] 1332 1318 - ( مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض ) وجاء عن ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح في قوله تعالى : ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) ( سورة النمل : الآية 48 ) أن إفسادهم كان قطع الذهب والفضة .

                                                                                                          وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى : ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ( سورة هود : الآية 87 ) قال : قطع الدينار والدراهم ، وقال غيره : وهو البخس الذي كانوا يفعلونه .

                                                                                                          وروى ابن أبي شيبة : " أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس " قال أبو عمر : إسناده لين .

                                                                                                          ( قال مالك : ولا بأس بأن يشتري الرجل ) أو المرأة ( الذهب بالفضة والفضة بالذهب جزافا إذا كان تبرا أو حليا ) بفتح فسكون مفرد حلي بضم فكسر ( قد صيغ ، فأما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي ) لا يحل ( لأحد أن يشتري من ذلك جزافا حتى يعلم ويعد ) كل منهما ( فإن اشتري ذلك جزافا فإنما يراد به الغرر حين يترك عده ويشترى جزافا وليس هذا من بيوع المسلمين ) فيحرم لحصول الغرر من جهتي الكمية والآحاد لأنه يرغب في كثرة آحاده ليسهل الشراء بها ، هكذا عللهالأبهري وعبد الوهاب ، وعلله ابن مسلمة بكثرة ثمن العين فيكثر الغرر ، ورد بجواز بيع الحلي واللؤلؤ وغيره جزافا كما قال .

                                                                                                          ( فأما ما كان يوزن من التبر والحلي فلا بأس أن يباع ذلك جزافا ) وإنما يبتاع ذلك جزافا حال كونه ( كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافا ومثلها يكال فليس بابتياع ذلك جزافا بأس ) أي يجوز إذا كان التعامل بالوزن لعدم قصد إفراده حينئذ .

                                                                                                          [ ص: 423 ] ( قال مالك : من اشترى مصحفا أو سيفا أو خاتما وفي شيء من ذلك ذهب أو فضة بدنانير أو دراهم ) متعلق باشترى ( فإن ما اشترى من ذلك وفيه الذهب بدنانير فإنه ينظر إلى قيمته فإن كان قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الذهب الثلث فذلك جائز لا بأس به إذا كان ذلك يدا بيد ولا يكون فيه تأخير ) بيان ليد بيد وظاهره أنه ينظر في الثلث وغيره إلى قيمة المحلى مصوغا وكذا هو ظاهر الموازية ، وقال الباجي : ظاهر المذهب أن النظر في ذلك بالوزن .

                                                                                                          ( وما اشتري من ذلك بالورق مما فيه الورق نظر إلى قيمته ) مصوغا ( فإن كان قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الورق الثلث فذلك جائز لا بأس به ) تأكيد لجائز أو معناه بلا كراهة ( إذا كان ذلك بيد ) أي مناجزة ( ولم يزل على ذلك أمر الناس عندنا ) بالمدينة .




                                                                                                          الخدمات العلمية