الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1419 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تشتري ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        وقوله فيها : " فأضاعه الذي كان عنده " . أي بترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما ، وقال في الأولى " فوجده يباع " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وإن أعطاكه بدرهم ) هو مبالغة في رخصه ، وهو الحامل له على شرائه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولا تعد ) في رواية أحمد من طريق هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم : " ولا تعودن " وسمى شراءه برخص عودا في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة ، فإذا اشتراها برخص فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة ، مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك برخص لغير المتصدق ، فكيف بالمتصدق فيصير راجعا في ذلك المقدار الذي سومح فيه .

                                                                                                                                                                                                        ( فائدة ) أفاد ابن سعد في الطبقات أن اسم هذا الفرس الورد ، وأنه كان لتميم الداري ، فأهداه للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأعطاه لعمر ، ولم أقف على اسم الرجل الذي حمله عليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كالعائد في قيئه ) استدل به على تحريم ذلك ، لأن القيء حرام ، قال القرطبي : وهذا هو الظاهر من سياق الحديث ، ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة لكون القيء مما يستقذر وهو قول الأكثر ، ويلتحق بالصدقة الكفارة والنذر وغيرهما من القربات . وأما إذا ورثه فلا كراهة . وأبعد من قال يتصدق به .

                                                                                                                                                                                                        قوله في الطريق الأولى : ولهذا كان ابن عمر لا يترك أن يبتاع شيئا تصدق به إلا جعله صدقة . كذا في رواية أبي ذر ، وعلى حرف لا تضبيب ولا أدري ما وجهه . وبإثبات النفي يتم المعنى أي كان إذا اتفق له أن يشتري شيئا مما تصدق به لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به ، وكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقة . وفي الحديث كراهة الرجوع في الصدقة وفضل الحمل في سبيل الله ، والإعانة على الغزو بكل شيء ، وأن الحمل في سبيل الله تمليك ، وأن للمحمول بيعه والانتفاع بثمنه . وسيأتي تكميل الكلام على هذا الحديث في أبواب الهبة ، إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية