الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 5 ) ) قوله تعالى : ( فعجب قولهم ) : قولهم : مبتدأ ، وعجب : خبر مقدم .

وقيل : العجب هنا بمعنى المعجب ; فعلى هذا يجوز أن يرتفع " قولهم " به .

( أئذا كنا ) : الكلام كله في موضع نصب بقولهم ، والعامل في إذا فعل دل عليه الكلام ; تقديره : أإذا كنا ترابا نبعث ، ودل عليه قوله تعالى : ( لفي خلق جديد ) ولا يجوز أن ينتصب بكنا ; لأن " إذا " مضافة إليه ; ولا بجديد ; لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها .

قال تعالى : ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ( 6 ) ) .

قوله تعالى : ( قبل الحسنة ) : يجوز أن يكون ظرفا ليستعجلونك ; وأن يكون حالا من السيئة مقدرة .

و ( المثلات ) بفتح الميم ، وضم الثاء ، واحدتها كذلك .

يقرأ بإسكان التاء ; وفيه وجهان ; أحدهما : أنها مخففة من الجمع المضموم فرارا من ثقل الضمة مع توالي الحركات . والثاني : أن الواحد خفف ثم جمع على ذلك .

ويقرأ بضمتين ، وبضم الأول وإسكان الثاني ، وضم الميم فيه لغة ، فأما ضم الثاء فيجوز أن يكون لغة في الواحد ، وأن يكون اتباعا في الجمع ، وأما إسكانها فعلى الوجهين .

( على ظلمهم ) : حال من الناس ، والعامل المغفرة .

قال تعالى : ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ( 7 ) ) .

[ ص: 73 ] قوله تعالى : ( ولكل قوم هاد ) : فيه ثلاثة أوجه ; أحدها : أنه جملة مستأنفة ; أي : ولكل قوم نبي هاد . والثاني : أن المبتدأ محذوف ، تقديره : وهو لكل قوم هاد . والثالث : تقديره : إنما أنت منذر وهاد لكل قوم ; وفي هذا فصل بين حرف العطف والمعطوف ، وقد ذكروا منه قدرا صالحا .

قال تعالى : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( ما تحمل ) : في " ما " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى الذي ، وموضعها نصب بيعلم . والثاني : هي استفهامية ; فتكون منصوبة بتحمل ، والجملة في موضع نصب .

ومثله : " وما تغيض الأرحام وما تزداد " .

( وكل شيء عنده بمقدار ) : يجوز أن يكون " عنده " في موضع جر صفة لشيء ، أو في موضع رفع صفة لكل ، والعامل فيها على الوجهين محذوف ; وخبر " كل " : بمقدار .

ويجوز أن يكون صفة لمقدار ، وأن يكون ظرفا لما يتعلق به الجار .

قال تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ( 9 ) ) .

قوله تعالى : ( عالم الغيب ) : خبر مبتدأ محذوف ; أي هو .

ويجوز أن يكون مبتدأ ، و " الكبير " خبره .

والجيد الوقف على " المتعال " بغير ياء ; لأنه رأس آية ، ولولا ذلك لكان الجيد إثباتها .

قال تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ( 10 ) ) .

قوله تعالى : ( سواء منكم من أسر القول ) : " من " مبتدأ ، و " سواء " خبر . فأما " منكم " فيجوز أن يكون حالا من الضمير في " سواء " ; لأنه في موضع مستو ; ومثله : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح ) [ الحديد : 10 ] .

ويضعف أن يكون " منكم " حالا من الضمير في " أسر " و " جهر " ; لوجهين ; أحدهما : تقديم ما في الصلة على الموصول ، أو الصفة على الموصوف . والثاني : تقديم الخبر على " منكم " وحقه أن يقع بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية