الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

                                                                                                                                                                                                                                        وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى فإن كل طائفة جمع. فأصلحوا بينهما بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى. فإن بغت إحداهما على الأخرى تعدت عليها. فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ترجع إلى حكمه أو ما أمر به، وإنما أطلق الفيء على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس، والغنيمة لرجوعها من الكفار إلى المسلمين. فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل بفصل ما بينهما على ما حكم الله، وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا لأنه مظنة الحيف من حيث إنه بعد المقاتلة. وأقسطوا واعدلوا في كل الأمور. إن الله يحب المقسطين يحمد فعلهم بحسن الجزاء. والآية نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده عليه الصلاة والسلام بالسعف والنعال، وهي تدل على أن الباغي مؤمن وأنه إذا قبض عن الحرب ترك كما جاء في الحديث لأنه فيء إلى أمر الله تعالى، وأنه يجب معاونة من بغي عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة.

                                                                                                                                                                                                                                        إنما المؤمنون إخوة من حيث إنهم منتسبون إلى أصل واحد وهو الإيمان الموجب للحياة الأبدية، وهو تعليل وتقرير للأمر بالإصلاح ولذلك كرره مرتبا عليه بالفاء فقال: فأصلحوا بين أخويكم ووضع الظاهر موضع الضمير مضافا إلى المأمورين للمبالغة في التقرير والتخصيص، وخص الاثنين بالذكر لأنهما أقل من يقع بينهم الشقاق. وقيل: المراد بالأخوين الأوس والخزرج. وقرئ «بين إخوتكم» و «إخوانكم» . واتقوا [ ص: 136 ] الله في مخالفة حكمه والإهمال فيه. لعلكم ترحمون على تقواكم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية