الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6059 11 - حدثنا معاذ بن أسد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : أخبرني محمود بن الربيع ، وزعم محمود أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : وعقل مجة مجها من دلو كانت في دارهم ، قال : سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم قال : غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لن يوافي عبد يوم القيامة يقول : لا إله إلا الله يبتغي به وجه الله إلا حرمه الله على النار.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " يبتغي به وجه الله " .

                                                                                                                                                                                  ومعاذ بضم الميم ابن أسد المروزي ، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي [ ص: 38 ] ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الصلاة مطولا في باب المساجد في البيوت ، فإنه أخرجه هناك عن سعيد بن عفير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وزعم " أي : قال قوله : " أنه عقل " إنما قال عقل لأنه كان صغيرا حين دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دارهم وشرب ماء ومج من ذلك الماء مجة على وجهه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عتبان " بكسر العين على الأصح .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ثم أحد بني سالم " بالنصب عطف على قوله : " الأنصاري " ، وقد تكلم الكرماني هنا كلاما لا حاجة إليه لأنه يشوش بذلك على من ليس له إتقان في هذا الباب وهو أنه قال : ذكر في كتاب الصلاة أن الزهري هو الذي سأل الحصين وسمع منه ، والمفهوم هنا هو محمود .

                                                                                                                                                                                  قلت : توضيح هذا أن الحديث الذي مضى في الصلاة مطول كما ذكرنا في آخره ، قال ابن شهاب وهو الزهري : ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري وهو أحد بني سالم وهو من سراتهم عن حديث محمود بن الربيع فصدقه بذلك ، هذا المقدار إن لم يقف عليه أحد لا يظهر له سؤاله المذكور ، ثم قال في جوابه : إن كانت الرواية بالرفع يعني برفع قوله : ثم أحد بني سالم فهو عطف على محمود أي : أخبرني محمود ثم أحد بني سالم فلا إشكال وإن كانت بالنصب يعني قوله : ثم أحد بني سالم ، فالمراد سمعت عتبان الأنصاري ثم السالمي ، إذ عتبان كان سالميا أيضا أو يقال بأن السماع من الحصين كان حاصلا لهما ولا محذور في ذلك لجواز سماع الصحابي من التابعي ، أو المراد من الأحد غير الحصين . انتهى .

                                                                                                                                                                                  قوله : " غدا علي " بتشديد الياء .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لن يوافي " من الموافاة وهي الإتيان ، يقال : وافيت القوم أي : أتيتهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وجه الله " أي : ذات الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                  والحديث من المتشابهات ، ويقال : لفظ الوجه زائد أو المراد وجه الحق والإخلاص لا الرياء ونحوه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إلا حرمه الله على النار " وفي الحديث المتقدم في الصلاة : فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني : فإن قلت : قال ثمة حرمه على النار ، وهاهنا حرم عليه النار ، فما الفرق بين التركيبين ؟

                                                                                                                                                                                  قلت : الأول حقيقة باعتبار أن النار آكلة لما يلقى فيها ، والتحريم يناسب الفاعل ، وأما المعنيان فهما متلازمان .

                                                                                                                                                                                  قلت : تبعه على هذا بعضهم ، فنقل ما قاله الكرماني ، ولكن التركيبان ليسا كما ذكراه لأن اللفظ الذي في الصلاة نحو ما ذكرناه الآن ، واللفظ الذي هنا : إلا حرمه الله على النار .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية