الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        من وجبت عليه بنت مخاض وليست عنده ، جاز أن يخرج بنت لبون ويأخذ من الساعي شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه بنت لبون وليست عنده ، جاز أن يخرج حقة ويأخذ ما ذكرنا ، ومن وجبت عليه حقة وليست عنده ، جاز أن يخرج جذعة ، ويأخذ ما ذكرنا ، ولو وجبت عليه جذعة وليست عنده ، جاز أن يخرج حقة مع شاتين أو عشرين درهما . ولو وجبت عليه حقة وليست عنده جاز أن يخرج بنت لبون مع ما ذكرنا . ولو وجبت بنت لبون ، وليست عنده ، جاز أن يخرج بنت مخاض مع ما ذكرنا . ثم صفة شاة الجبران هذه ، صفة الشاة المخرجة فيما دون خمس وعشرين من الإبل . وفي اشتراط الأنوثة إذا كان المالك هو المعطي الوجهان المذكوران في تلك الشاة ، والدراهم التي يخرجها هي النقرة . قال في [ ص: 162 ] النهاية : وكذا دراهم الشريعة حيث وردت . وإن احتاج الإمام إلى إعطاء الجبران ولم يكن في بيت المال دراهم ، باع شيئا من مال المساكين وصرفه في الجبران ، وإلى من تكون الخيرة في تعيين الشاتين أو الدراهم ؟ فيه طريقان . المذهب وبه قطع الأكثرون أن الخيرة للدافع ، سواء إن كان الساعي أو رب المال ، لكن الساعي يراعي مصلحة المساكين . والثاني : على قولين ، أظهرهما هذا . والثاني : الخيار للساعي . وأما الخيرة في الصعود والنزول فإلى المالك على الأصح ، وإلى الساعي على الثاني . والوجهان فيما إذا دفع المالك غير الأغبط ، فإن أراد دفع الأغبط لزم الساعي أخذه قطعا ، هذا عند سلامة المال ، فإن كان الواجب مريضا أو معيبا ، لكون إبله مراضا أو معيبة ، فأراد الصعود وطلب الجبران ، فإن قلنا : الخيار للساعي ورأى الغبطة فيه ، جاز . وإن قلنا : الخيار للمالك ، لم يفوض ذلك إليه ، ويستثنى هذه الصورة . ولو أراد أن ينزل من السن المعيبة أو المريضة إلى ناقصة دونها ويبذل الجبران قبل - فإنه تبرع بزيادة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا وجبت عليه جذعة ، فأخرج بدلها ثنية ولم يطلب جبرانا ، جاز ، وقد زاد خيرا . ولو طلب الجبران فوجهان ، أرجحهما عند العراقيين وهو ظاهر النص : الجواز ، وأرجحهما عند الغزالي وصاحب التهذيب : المنع .

                                                                                                                                                                        قلت : الأول أصح عند الجمهور ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        واعلم أنه كما يجوز الصعود والنزول بدرجة ، يجوز بدرجتين ، بأن يعطي بدل بنت اللبون جذعة عند فقدها وفقد الحقة ، ويأخذ جبرانين ، أو يعطي بدل [ ص: 163 ] الحقة بنت مخاض مع جبرانين ، وكذلك ثلاث درجات ، بأن يعطي بدل الجذعة عند فقدها وفقد الحقة وبنت اللبون بنت مخاض مع ثلاث جبرانات ، أو يعطي بدل بنت المخاض الجذعة عند فقد ما بينهما ، ويأخذ ثلاث جبرانات ، وهل يجوز الصعود والنزول بدرجتين مع القدرة على الدرجة القربى ، كما إذا لزمه بنت لبون ، فلم يجدها ، ووجد حقة وجذعة فصعد إلى الجذعة . الأصح عند الجمهور : لا يجوز . والخلاف فيما إذا صعد وطلب جبرانين ، فأما إذا رضي بجبران ، فلا خلاف في الجواز ، ويجري الخلاف في النزول من الحقة إلى بنت مخاض مع وجود بنت اللبون . أما إذا لزمته بنت لبون فلم يجدها ولا حقة ، ووجد جذعة وبنت مخاض ، فهل له ترك بنت المخاض ويخرج الجذعة ؟ فيه وجهان مرتبان ، وأولى بالجواز وبه قطع الصيدلاني ؛ لأن بنت المخاض وإن كانت أقرب ، لكن ليست في الجهة المعدول إليها .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو أخرج المالك عن جبرانين شاتين وعشرين درهما ، جاز ، ولو أخرج عن جبران شاة وعشرة دراهم ، لم يجز ، فلو كان المالك أخذ ورضي بالتفريق ، جاز .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو لزمه بنت لبون فلم يجدها ، ووجد ابن لبون وحقة ، وأراد دفع ابن اللبون مع الجبران ، فوجهان . أصحهما : المنع . والثاني : الجواز ؛ لأن الشرع جعله كبنت المخاض .

                                                                                                                                                                        قلت : لو وجب عليه بنت مخاض فلم يجدها ووجد ابن لبون وبنت لبون [ ص: 164 ] فأخرجها وطلب الجبران - لم يقبل على الأصح ، بل عليه دفع ابن اللبون بلا جبران ؛ لأنه بدل بنت المخاض بالنص ، ولو وجبت حقة فأخرج بدلها بنتي لبون ، أو وجبت جذعة ، فأخرج بدلها حقتين ، أو بنتي لبون ، جاز على الصحيح ؛ لأنهما يجزئان عما زاد ، ولو ملك إحدى وستين بنت مخاض فأخرج واحدة منها ، فالصحيح الذي قاله الجمهور أنه يجب معها ثلاث جبرانات . وفي الحاوي وجه أنها تكفيه وحدها حذرا من الإجحاف ، وليس بشيء ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يدخل الجبران في زكاة الغنم والبقر .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية