الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      [ ص: 5 ] ( فصل ولا يجزئ فيهما ) أي : في الهدي والأضحية .

                                                                                                                      ( العوراء ) البينة العور وهي ( التي انخسفت عينها فإن كان عليها ) أي : العين ( بياض وهي قائمة لم تذهب أجزأت ) لمفهوم ما يأتي ; ولأن ذلك لا ينقص لحمها ( ولا تجزئ ) فيهما ( عمياء وإن لم يكن عماها بينا ) كقائمة العينين مع ذهاب إبصارهما ; لأن العمى يمنع مشيها مع رفيقتها ويمنع مشاركتها في العلف ; ولأن في النهي عن العوراء تنبيها على النهي عن العمياء .

                                                                                                                      ( ولا عجفاء لا تنقي ) بضم التاء وكسر القاف ، من أنقت الإبل إذا سمنت وصار فيها نقي وهو مخ العظم وشحم العين من السمن قاله في المطلع ( وهي ) أي : العجفاء ( الهزيلة التي لا مخ فيها ولا ) تجزئ ( عرجاء بين ضلعها ) بفتح اللام وسكونها أي : غمزها وصوابه : بالظاء المشالة ، كما يعلم من الصحاح وغيره .

                                                                                                                      ( وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها ) الصحيح ( إلى المرعى ولا ) .

                                                                                                                      تجزئ ( كسيرة ولا مريضة بين مرضها وهو المفسد للحمها بجرب أو غيره ) لحديث البراء بن عازب قال قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال { : أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي } رواه أبو داود والنسائي ( ولا ) تجزئ ( عضباء ) بالعين المهملة والضاد المعجمة .

                                                                                                                      ( وهي التي ذهب أكثر أذنها [ ص: 6 ] أو قرنها ) لحديث علي قال { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن } قال قتادة " فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال : العضب النصف ، أو أكثر من ذلك " رواه الخمسة وصححه الترمذي .

                                                                                                                      وقال أحمد العضباء ما ذهب أكثر أذنها أو قرنها نقله حنبل ; لأن الأكثر كالكل ( وتكره معيبة أذن بخرق أو شق أو قطع ل ) نصف أو ( أقل من النصف وكذا ) معيبة ( قرن ) بواحد من هذه .

                                                                                                                      لحديث علي قال { أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ، ولا شرقاء } قال زهير قلت : لأبي إسحاق ما المقابلة ؟ قال يقطع من طرف الأذن قلت : فما المدابرة ؟ قال يقطع من مؤخر الأذن قلت : فما الخرقاء ؟ قال : تشق الأذن قلت : فما الشرقاء ؟ قال : تشق أذنها للسمة " رواه أبو داود .

                                                                                                                      وقال القاضي : الخرقاء التي قد انتقبت أذنها والشرقاء التي تشق أذنها ، وتبقى كالشاختين وهذا نهي تنزيه ، ويحصل الإجزاء بها ; لأن اشتراط السلامة من ذلك يشق ، إذ لا يكاد يوجد سالم من هذا كله .

                                                                                                                      ( ولا تجزئ الجداء ، وهي جافة الضرع ) أي : الجدباء التي شاب ونشف ضرعها ; لأن هذا أبلغ في الإخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين ( ولا ) تجزئ ( هتماء وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها ) قال في التلخيص : وهو قياس المذهب ( ولا عصماء ، وهي التي انكسر غلاف قرنها ) قاله في المستوعب والتلخيص ( ويجزئ ما ذهب دون نصف أليتها ) وكذا ما ذهب نصفها كما في المنتهى وقياس ما تقدم في الأذن : وتكره بل هنا أولى .

                                                                                                                      ( و ) تجزئ ( الجماء ، وهي التي خلقت بلا قرن والصمعاء ، وهي الصغيرة الأذن ، وما خلقت بلا أذن والبتراء التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعا ) ; لأن ذلك لا يخل بالمقصود .

                                                                                                                      ( و ) تجزئ ( التي بعينها بياض لا يمنع النظر ) لعدم فوات المقصود من البصر ( و ) يجزئ ( الخصي التي قطعت خصيتاه أو سلتا أو رضتا ) ; لأن النبي ضحى بكبشين موجوءين " والوجاء : رض الخصيتين ; ولأن الخصاء إذهاب عضو غير مستطاب ، يطيب اللحم بذهابه ، ويسمن قال الشعبي : ما زاد في لحمه وشحمه أكثر مما ذهب منه ( فإن قطع ذكره مع ذلك ) أي : مع قطع الخصيتين ، أو سلهما أو رضهما ( لم يجز وهو الخصي المجبوب ) نص عليه وجزم به في التلخيص ، وقدمه في الرعاية الكبرى .

                                                                                                                      ( وتجزئ الحامل ) من الإبل والبقر والغنم كالحائل .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية