الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6081 33 - حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا أبو حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأما وجه المناسبة بين الحديث والآية هو أن خيرية المال ليست لذاته بل بحسب ما يتعلق به وإن كان يسمى خيرا ، وكذلك ليس صاحب المال الكثير غنيا لذاته بل بحسب تصرفه فيه ، فإن كان غنيا في نفسه لم يتوقف في صرفه في الواجبات والمستحبات من وجوه البر والقربات ، وإن كان في نفسه فقيرا أمسكه وامتنع من بذله فيما أمر به خشية من نفاده فهو في الحقيقة فقير صورة ومعنى ، وإن كان المال تحت يده لكونه لا ينتفع به لا في الدنيا ولا في الآخرة بل ربما كان وبالا عليه .

                                                                                                                                                                                  وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس التيمي اليربوعي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا ، وأبو بكر هو ابن عياش بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة القارئ المشهور الكوفي ، وأبو حصين بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين واسمه عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي ، وأبو صالح ذكوان الزيات .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه الترمذي في الزهد عن أحمد بن بديل بن قريش اليامي الكوفي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من كثرة العرض " بفتحتين حطام الدنيا وبالسكون المتاع ، وقال أبو عبيد : العروض الأمتعة وهي ما سوى الحيوان والعقار وما لا يدخله كيل ولا وزن ، وقال ابن فارس : العرض بالسكون كل ما كان من المال غير نقد ، وجمعه عروض ، وأما بالفتح فما يصيبه الإنسان من حظ في الدنيا ، قال تعالى : تريدون عرض الدنيا وقال : وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه

                                                                                                                                                                                  حاصل معنى الحديث ليس الغنى الحقيقي المعتبر من كثرة المال بل هو من استغناء النفس وعدم الحرص على الدنيا ، ولهذا ترى كثيرا من المتمولين فقير النفس مجتهدا في الزيادة ، فهو لشدة شرهه وشدة حرصه على جمعه كأنه فقير ، وأما غنى النفس فهو من باب الرضا بقضاء الله لعلمه أن ما عند الله لا ينفد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية