الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال :( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) وفيه مباحث :

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الأول : قال الفراء :( كافة ) أي : جميعا ، والكافة لا تكون مذكرة ولا مجموعة على عدد الرجال فنقول : كافين ، أو كافات للنساء ، ولكنها( كافة ) بالهاء والتوحيد ؛ لأنها وإن كانت على لفظ فاعلة ، فإنها في ترتيب مصدر مثل الخاصة والعامة ، ولذلك لم تدخل العرب فيها الألف واللام ؛ لأنها في مذهب قولك قاموا معا ، وقاموا جميعا ، وقال الزجاج : "كافة" منصوب على الحال ، ولا يجوز أن يثنى ولا يجمع ، كما أنك إذا قلت : قاتلوهم عامة ، لم تثن ولم تجمع ، وكذلك خاصة .

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثاني : في قوله :( كافة ) قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن يكون المراد قاتلوهم بأجمعهم مجتمعين على قتالهم ، كما أنهم يقاتلونكم على هذه الصفة ، يريد تعاونوا وتناصروا على ذلك ، ولا تتخاذلوا ، ولا تتقاطعوا ، وكونوا عباد الله مجتمعين متوافقين في مقاتلة الأعداء .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : قال ابن عباس : قاتلوهم بكليتهم ، ولا تحابوا بعضهم بترك القتال ، كما أنهم يستحلون قتال جميعكم ، والقول الأول أقرب حتى يصح قياس أحد الجانبين على الآخر .

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثالث : ظاهر قوله :( وقاتلوا المشركين كافة ) إباحة قتالهم في جميع الأشهر ، ومن الناس من يقول : المقاتلة مع الكفار محرمة ، بدليل قوله :( منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) أي : فلا تظلموا فيهن أنفسكم باستحلال القتال والغارة فيهن ، وقد ذكرنا هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله :( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) [البقرة : 217] .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 45 ] ثم قال :( واعلموا أن الله مع المتقين ) يريد مع أوليائه الذين يخشونه في أداء الطاعات ، والاجتناب عن المحرمات ، قال الزجاج : تأويله أنه ضامن لهم النصر .

                                                                                                                                                                                                                                            ( إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين )

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية