الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

1387 - عن أبي سعيد ، وأبي هريرة - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من اغتسل يوم الجمعة ، ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ، ثم أتى الجمعة ، فلم يتخط أعناق الناس ، ثم صلى ما كتب الله له ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته ، كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها " . رواه أبو داود .

التالي السابق


الفصل الثاني .

1387 - ( عن أبي سعيد ، وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من اغتسل يوم الجمعة " ) : وفي رواية أخرى : واستن أي استاك ( " ولبس من أحسن ثيابه " ) قال الطيبي : يريد الثياب البيض اهـ . يعني أفضلها - من حيث اللون - ، البيض للخبر الصحيح : " البسوا من ثيابكم البياض ; فإنها خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم " وفي رواية صحيحة : فإنها أطهر وأطيب . وزاد الخطابي في روايته : الجدد . قال ابن حجر : فإن فقد البيض فما صبغ قبل النسج [ ص: 1034 ] وأولاه الأبراد ; لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان له برد يلبسه في العيدين والجمعة ، أما ما صبغ بعد النسج فيكره لبسه اهـ .

ولعله أراد ما صبغ حمرة أو صفرة ; فإنهما مكروهتان عندنا ، لكن أعم من أن يصبغا قبل النسج أو بعده ، ( " ومس من طيب إن كان عنده " ) أي : إن تيسر له تحصيله ، بأن يكون في بيته أو عند امرأته ، ولا يطلب من غيره ; إذ في الطلب ذل في التحقيق ، ولو : أين الطريق ؟ .

( " ثم أتى الجمعة ، فلم يتخط أعناق الناس " ) : بأن بكر ، وقعد حيث انتهى إليه المجلس ، فإن من أراد التقدم مع التأخر فقد تعدى حد التأثر . ( " ثم صلى " ) : أي من العبادة ( " ما كتب الله " ) أي : أدى ما قضاه وقدره ( " له ثم أنصت إذا خرج " ) أي : ظهر ( " إمامه " ) : بطلوع المنبر ( " حتى يفرغ من صلاته " ) قال ابن حجر : كان حكمة ذكره طلب الإنصات بين الخطبة والصلاة ، وإن كانت كراهة الكلام عندنا وحرمته عند غيرنا تنتهي بفراغ الخطبة . ( " كانت " ) أي : فعلته المذكورة ( " كفارة لما بينها " ) أي : لما وقع له من الذنوب بين ساعة صلاته هذه ( " وبين جمعته " ) ، وفي نسخة : وبين الجمعة أي : صلاتها ( " التي قبلها " ) . رواه أبو داود أي : بهذا اللفظ قال : ويقول أبو هريرة : وزيادة ثلاثة أيام ، ويقول : إن الحسنة بعشر أمثالها . ورواه البيهقي بإسناد جيد والحاكم وقال : صحيح . قال ابن حجر : ورواه أبو داود وغيره بأسانيد جيدة حسنة ، وفي الصحيحين أحاديث بمعناه سبق بعضها ، ومن ثم صححه ابن حبان والحاكم اهـ .

وفيه أن التصحيح ونحوه ما يكون إلا باعتبار إسناد الحديث ، لا لكونه جاء في حديث صحيح من طريق آخر ، كما هو مقرر في أصول الحديث ، نعم يقال في مثل هذا : أنه حسن لذاته ، صحيح لغيره ، وأما حين الإطلاق فلا ينصرف إلا باعتبار ذاته بحسب درجة إسناده وصفاته .




الخدمات العلمية