الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 679 ] ذكر القبض على ابن صدقة وزير الخليفة ونيابة علي بن طراد

في جمادى الأولى قبض الخليفة على وزيره جلال الدين بن صدقة ، وقد تقدم ذكره قبل ، وأقيم نقيب النقباء شرف الدين علي بن طراد الزينبي في نيابة الوزارة ، فأرسل السلطان إلى المسترشد بالله في معنى الوزارة نظام الملك أبي نصر أحمد بن نظام الملك ، وكان أخو شمس الملك عثمان بن نظام الملك وزير السلطان محمود ، فأجيب إلى ذلك ، واستوزر في شعبان .

وكان قد وزر للسلطان محمد سنة خمسمائة ، ثم عزل ، ولزم دارا استجدها ببغداذ إلى الآن . فلما خلع على نظام الملك ، وجلس في الديوان ، طلب أن يخرج ابن صدقة عن بغداذ ، فلما علم ابن صدقة ذلك طلب من الخليفة أن يسير إلى حديثة عانة ليكون عند الأمير سليمان بن مهارش ، فأجيب إلى ما طلب .

وسار إلى الحديثة ، فخرج عليه في الطريق إنسان من مفسدي التركمان يقال له يونس الحرامي ، فأسره ونهب أصحابه ، فخاف الوزير أن يعلم دبيس فأرسل إلى يونس وبذل له مالا يأخذه منه للعداوة التي بينهما ، فقرر أمره مع يونس على ألف دينار يعجل منها ثلاثمائة ، ويؤخر الباقي إلى أن يرسله من الحديثة .

وراسل عامل بلد الفرات في تخليصه ، وإنفاذ من يضمن الباقي عليه ، فأعمل العامل الحيلة في ذلك ، فأحضر إنسانا فلاحا وألبسه ثيابا فاخرة وطيلسانا ، وأركبه وسير معه غلمانا ، وأمره أن يمضي إلى يونس ويدعي أنه قاضي بلد الفرات ، ويضمن الوزير منه ما بقي من المال ، فسار السوادي إلى يونس ، فلما حضر عند الوزير ويونس احترماه ، وضمن السوادي الوزير منه ، وقال له : أقيم عندك إلى أن يصل المال مع صاحب لك تنفذه مع الوزير ، فاعتقد يونس صدق ذلك وأطلق الوزير ومعه جماعة من أصحابه ، فلما وصل الحديثة قبض على من معه منهم ، فأطلق يونس ذلك السوادي ، والمال الذي أخذه ، حتى أطلق الوزير أصحابه ، وعلم الحيل التي تمت عليه .

ولما سار الوزير من عند يونس لقي إنسانا أنكره ، فأخذه ، فرأى معه كتابا من [ ص: 680 ] دبيس إلى يونس يبذل ستة آلاف دينار ليسلم الوزير إليه ، وكان خلاصه من أعجب الأشياء .

التالي السابق


الخدمات العلمية