الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا ؛ القرية هي المدينة العظيمة؛ وهي هنا قرية قوم لوط؛ ومطر السوء هو [ ص: 5283 ] الحجارة؛ وهذا تشبيه للحجارة التي كانت مقصودة بالمطر؛ لأنها نزلت عليهم منهمرة انهمارا؛ ولكنه لم يكن مطر ماء مغيث؛ ولا ماء مغث؛ بل مطر حجارة حاطمة؛ فهو سوء؛ أي: سيئ في ذاته؛ مؤلم؛ وهو سيئ في عقباه؛ أفلم يروها؛ ولم يروا ما نزل بها؛ فيعتبروا ويتدبروا؟! ولكنهم مروا ولم يروا روعة اعتبار؛ أتوا هذه القرية؛ أي: مروا عليها؛ في رحلاتهم إلى الشام؛ ولم يعتبروا؛ وقال: أتوها؛ ولم يقل: مروا؛ للإشارة إلى أنه كان يجب أن يأتوا؛ ويعتبروا بها؛ ويخشوا أن ينزل بهم؛ لما ارتكبوا من آثام؛ مثلها؛ أو أشد منها؛ وإن لم تكن من نوعها.

                                                          بل كانوا لا يرجون نشورا ؛ " بل " ؛ هنا؛ للإضراب الانتقالي؛ أي أنه لا يتوقع منهم اعتبار بالسابقين; لأنهم لا يرجون نشورا؛ لا يتوقعون أن ينشروا ويبعثوا ويحاسبوا؛ لأن من فقد ذلك الشعور لا يأبه لشيء؛ ولا يفكر في عبرة؛ أو اعتبار؛ إذ يحسب أنها الحياة الدنيا وحدها؛ ويقول: ما هي إلا حياتنا الدنيا؛ نلهو ونلعب؛ وما نحن بمبعوثين.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية