الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فأما من أوتي كتابه بيمينه الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال : إن الله يقف عبده يوم القيامة، فيبدي سيئاته في ظهر صحيفته، فيقول له : أنت عملت هذا؟ فيقول : نعم، أي رب، فيقول له : إني لم أفضحك به، وإني قد غفرت لك، فيقول عند ذلك : هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه حين نجا من فضيحة يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 676 ] وأخرج ابن المبارك في «الزهد»، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والخطيب، عن أبي عثمان النهدي قال : إن المؤمن ليعطى كتابه في ستر من الله، فيقرأ سيئاته فيتغير لونه، ثم يقرأ حسناته فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات، فعند ذلك يقول : هاؤم اقرءوا كتابيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك» فقال رجل : يا رسول الله، كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟ قال : «هم غر محجلون من أثر الوضوء، ليس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذريتهم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : إني ظننت قال : أيقنت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم ، عن البراء بن عازب في قوله : قطوفها دانية قال : قريبة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 677 ] وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : قطوفها دانية قال : دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن البراء في قوله : قطوفها دانية قال : يتناول الرجل من فواكهها وهو قائم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن الضحاك : في قوله : قطوفها قال : ثمارها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر والطبراني ، وابن مردويه ، والخطيب، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية قال : أيامكم هذه أيام خالية فانية تؤدي إلى أيام باقية، فاعملوا في هذه الأيام وقدموا خيرا إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال : بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله : يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد [ ص: 678 ] قلصت شفاهكم عن الأشربة، وغارت أعينكم، وجفت بطونكم، كونوا اليوم في نعيمكم، وكلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن عدي في «الكامل» والبيهقي في «شعب الإيمان» عن عبد العزيز بن رفيع في قوله : بما أسلفتم في الأيام الخالية قال : الصوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن نافع قال : خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له، ووضعوا سفرة لهم، فمر بهم راعي غنم فسلم، فقال ابن عمر : هلم يا راعي، هلم فأصب من هذه السفرة، فقال له : إني صائم، فقال ابن عمر : أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه؟ وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم؟! فقال له : إني والله أبادر أيامي الخالية، فقال له ابن عمر - وهو يريد يختبر ورعه - : فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه؟ فقال : إنها ليست لي بغنم، إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر : فما عسى سيدك فاعلا إذا فقدها فقلت : أكلها الذئب؟ فولى الراعي عنه [ ص: 679 ] وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول : فأين الله؟! قال : فجعل ابن عمر يردد قول الراعي وهو يقول : قال الراعي : فأين الله؟! فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتق الراعي ووهب منه الغنم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية