الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 25 ] ذكر عدة حوادث

في هذه السنة توفيت الخاتون ابنة السلطان سنجر ، وهي زوجة السلطان محمود .

وفيها قتل بيمند الفرنجي صاحب أنطاكية .

وفيها توفي نصير الدين محمود بن مؤيد الملك بن نظام الملك في شعبان ببغداذ ، ووقع الحريق في داره بعد وفاته وفي حظائر الحطب والسوق التتشي ، فذهب من الناس أموال كثيرة .

وفيها وزر الرئيس أبو الذواد المفرج بن الحسن بن الصوفي لصاحب دمشق تاج الملوك .

وفيها كان الرصد بالدار السلطانية شرقي بغداذ ، تولاه البديع الإصطرلابي ، ولم يتم .

وفيها ببغداذ عقارب طيارة ذوات شوكتين ، فنال الناس منها خوف شديد وأذى عظيم .

وفيها ، في ذي الحجة ، خرج الملك مسعود بن محمد من خراسان ، وكان عند عمه السلطان سنجر ، ووصل إلى ساوة ، ووقع الإرجاف أن عزمه على مخالفة أخيه السلطان محمود قوي ، وأن عمه سنجر أمره بذلك ، فاستشعر السلطان محمود ، وسار [ ص: 26 ] عن بغداذ إلى همذان ، فلما وصل إلى كرمانشاهان وصل إليه أخوه الملك مسعود وخدمه ، ولم يظهر للإرجاف أثر ، فأقطعه السلطان مدينة كنجة وأعمالها وسيره إليها .

وفيها كانت زلزلة عظيمة في ربيع الأول ، بالعراق ، وبلد الجبل ، والموصل ، والجزيرة ، فخربت كثيرا .

وفيها ملك السلطان محمود قلعة ألموت .

[ الوفيات ] وفيها توفي إبراهيم بن عثمان بن محمد أبو إسحاق الغزي من أهل غزة ، مدينة بفلسطين من الشام ، ومولده سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، وهو من الشعراء المجيدين ، فمن قوله من قصيدة يصف فيها الأتراك :


في فتية من جيوش الترك ما تركت للرعد كراتهم صوتا ولا صيتا     قوم إذا قوبلوا كانوا ملائكة
حسنا وإن قوتلوا كانوا عفاريتا

وله في الزهد :


إنما هذه الحياة متاع     والسفيه الغوي من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمل غيب     ولك الساعة التي أنت فيها

[ ص: 27 ] وفيها توفي الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد الدباس أبو عبد الله النحوي الشاعر ، المعروف بالبارع ، أخو أبي الكرم بن فاخر النحوي لأمه ، ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ، وله شعر مليح ، فمنه قوله :


ردي علي الكرى ثم اهجري سكني     فقد قنعت بطيف منك في الوسن
لا تحسبي النوم قد أوشكت أطلبه     إلا رجاء خيال منك يؤنسني
تركتني والهوى فردا أغالبه     ونام ليلك عن هم يؤرقني

وهي طويلة .

وفيها توفي هبة الله بن القاسم بن محمد بن عطا بن محمد أبو سعد المهراني النيسابوري ، ومولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، وكان محدثا حافظا صالحا .

التالي السابق


الخدمات العلمية