الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 177 ] ( ومن قال هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق ) لوجود الشرط وهو البيع والملك فيه قائم فينزل الجزاء [ ص: 178 ] ( وكذلك لو قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار عتق ) أيضا لأن الشرط قد تحقق وهو الشراء والملك قائم فيه ، وهذا على أصلهما ظاهر ، وكذا على أصله لأن هذا العتق بتعليقه والمعلق كالمنجز ، ولو نجز العتق يثبت الملك سابقا عليه فكذا هذا

التالي السابق


( قوله ومن قال هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق لوجود الشرط وهو البيع و ) الفرض أن ( الملك فيه قائم ) لأن خيار البائع لا يوجب خروج المبيع من ملك البائع ( فينزل الجزاء ) [ ص: 178 ] لوجود المحل ولو باعه بيعا فاسدا ، فإن كان العبد في يد المشتري مضمونا عليه بأن كان غصبه لا يعتق كما في البيع الصحيح البات لأنه كما تم البيع يزول العبد عن ملكه إلى المشتري ; قيل وهذه تدل على أن المعلول مع العلة في الخارج وعقيب الشرط ، فإن البيع كما هو علة للملك هو شرط لثبوت العتق لذلك العبد فكان المعلول وهو الملك أسرع ثبوتا من المشروط الذي هو العتق حيث وجد ملك المشتري قبل وجود العتق .

ويمكن أن يقال : بل إنما قارن الإعتاق زوال الملك فلم ينزل العتق لأنه بعده فلم يصادف الملك وتقدم مثل هذا للمصنف فتذكره ، وهذا على أن المعلول عقيب العلة كما هو رأي المصنف ، فعرف بهذا وجه تقييده المسألة بكون البيع بشرط الخيار لأنه لو قال إن بعت هذا العبد فهو حر فباعه بيعا باتا لا يعتق ( قوله وكذلك إن قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار ) يعني للمشتري ( يعتق أيضا ) أما إذا اشتراه شراء فاسدا باتا فإن كان في يده مضمونا بأن كان غصبه عتق لأنه صار معتقا ملك نفسه ، ولو كان شراء صحيحا باتا عتق بطريق الأولى لأن الشرط قد تحقق وهو الشراء والملك قائم فيه ، أما على قولهما فظاهر ، وأما على قول أبي حنيفة فلأن العتق الواقع في هذا العبد بسبب تعليق هذا المشتري والمعلق بالشرط كالمنجز عنده ، وهو لو اشتراه بشرط الخيار وأعتقه قبل إسقاط الخيار يعتق وثبت الملك سابقا له شرطا اقتضائيا فكذا هذا .

وأورد طلب الفرق بين هذا البيع وبين النكاح الفاسد على قول أبي حنيفة حيث لا يقع به العتق فيما إذا قال إن تزوجت فعبدي حر فتزوج نكاحا فاسدا مع أن كلا منهما لا يفيد الملك ، وأجيب بأن البيع [ ص: 179 ] وإن لم يستعقب الملك فهو بيع تام على وفق الدليل وهو الإيجاب والقبول في محله فكان وجوده وجود الشرط ، بخلاف النكاح فإنه إذا صح كان على خلاف الدليل إذ الحرية تنفي ورود الملك فكيف إذا كان الملك فاسدا فلا يحكم بهذا الشرط إلا إذا صح .

ويمكن أن يقال : لا ورود لهذا السؤال فإن هذا البيع وإن كان بشرط الخيار للمشتري فإنه يعقب الملك له بسبب خاص فيه وهو تعليقه السابق عتق من يشتريه فإنه يلزم أن ينزل العتق عند الشراء لأنه الشرط ويستلزم سبق الملك اقتضاء ومثله لا يتصور في النكاح . وأورد منع كون المعلق كالمنجز لأن المنجز لو لم يثبت عند الخيار والحكم بتقدمه يلغو ، والمعلق لا يلزم إلغاؤه لأن الملك يثبت بعد مضي مدة الخيار فينزل إذ ذاك ولا يلغو .

وأجيب لما أمكن أن يجري فيه ما يجري في المنجز والعتق يحتاط في إثباته وجب اعتباره إذ ذاك وإلا جاز أن يفسخ قبل المدة فلا يعتق ، بخلاف ما إذا اشترى أباه بشرط الخيار لا يعتق إلا أن تمضي المدة عند أبي حنيفة لعدم الملك فإنه لم يوجد منه تكلم بالإعتاق بعد الشراء بشرط الخيار حتى يسقط خياره ، وإنما يعتق على القريب بحكم الملك ولا ملك للمشتري بالخيار ، والشارع إنما علق عتقه في قوله " من ملك ذا رحم " بالملك لا بالشراء ، أما هنا فالإيجاب المعلق صار منجزا عند الشرط وصار قائلا أنت حر فينفسخ الخيار ضرورة




الخدمات العلمية