الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء في السهو في الصلاة قال : وقال مالك : لو أن إماما صلى بقوم ركعتين فسلم فسبحوا به فلم يفقه ، فقال له رجل من خلفه ممن هو معه في الصلاة إنك لم تتم فأتم صلاتك ، فالتفت إلى القوم فقال : أحق ما يقول هذا ؟ فقالوا : نعم ، قال : يصلي بهم الإمام ما بقي من صلاتهم ويصلون معه بقية صلاتهم الذين تكلموا والذين لم يتكلموا ، قال : ويفعلون في ذلك مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين ، وبذلك الحديث يأخذ مالك ، وكل من فعل في صلاته مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وفعل من خلفه مثل ما فعل من كان خلف النبي يومئذ ، فصلاتهم تامة يفعلون كما فعل من كان خلف النبي يومئذ يوم ذي اليدين .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ولو أن رجلا صلى وحده وقوم إلى جنبه ينظرون إليه . فلما سلم قالوا له : إنك لم تصل إلا ثلاث ركعات ، قال : لا يلتفت إلى ما قالوا له ، ولكن ينظر إلى يقينه فيمضي عليه ولا يسجد لسهوه ، فإن كان يستيقن أنه لم يسه وأنه قد صلى أربعا لم يلتفت إلى ما قالوا وليمض على صلاته ولا سهو عليه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وإذا صلى وحده ففرغ عند نفسه من الأربع فقال له رجل إلى جنبه : إنك لم تصل إلا ثلاثا ، والتفت الرجل إلى آخر فقال له : أحق ما يقول هذا ؟ فقال : نعم ، قال : يعيد الصلاة ولم يكن ينبغي له أن يكلمهما ولا يلتفت إليهما .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : لو أن رجلا صلى المكتوبة أربعا فظن أنه صلى ثلاثا فأضاف إليها ركعة . فلما صلى الخامسة بسجدتيها ذكر أنه قد كان أتم صلاته ، قال : يرجع ويجلس ويضيف إليها ركعة أخرى ثم يسلم ويسجد لسهوه بعد السلام ، قال : وإن كان لم يصل من الخامسة إلا أنه ركع وسجد سجدة رجع أيضا فجلس وسلم وسجد لسهوه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إماما سها فصلى خمسا فتبعه قوم ممن خلفه يقتدون به وقد عرفوا سهوه وقوم سهوا بسهوه وقوم قعدوا فلم يتبعوه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يعيد من اتبعه عامدا ، وقد تمت صلاة الإمام وصلاة من اتبعه على غير تعمد ، وصلاة من قعد ولم يتبعه ويسجد الإمام لسهوه ومن سها بسهوه سجدتين بعد السلام ، ويسجد معه من لم يتبعه على سهوه ولا يخالف الإمام ، قال ابن القاسم : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنما جعل الإمام ليؤتم به } فعلى من خلف الإمام ممن لم يتبعه وقعد أن يسجد مع الإمام في سهوه وإن لم يسه .

                                                                                                                                                                                      [ ص: 219 ] قال : وقال ابن شهاب فيمن لم يسه مع الإمام وقد سها الإمام فسجد : فعليه أن يسجد مع الإمام ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنما جعل الإمام ليؤتم به } . من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب . قال : وقال مالك فيمن افتتح الصلاة فقرأ أو ركع ونسي السجود ثم قام فقرأ وركع ثانية ، قال : إن ذكر أنه لم يسجد قبل أن يركع الثانية فليسجد سجدتين وليقم وليبتدئ في القراءة قراءة الركعة الثانية ، وإن هو لم يذكر حتى يركع الركعة الثانية فليلغ الركعة الأولى ويمضي في هذه الركعة الثانية ويجعلها الأولى .

                                                                                                                                                                                      قلت : ما معنى قول مالك حتى يركع ، أهو إذا ركع في الثانية فقد بطلت الأولى أم حتى يرفع رأسه من الركعة الثانية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : بل حتى يرفع رأسه من الركعة الثانية .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك فيمن افتتح الصلاة فقرأ أو ركع وسجد سجدة ونسي السجدة الثانية حتى قام فقرأ أو ركع الركعة الثانية ورفع منها رأسه ، قال : يلغي الركعة الأولى وتكون أول صلاته الركعة الثانية ، وكذلك كل ركعة من الصلاة لم تتم بسجدتيها حتى يركع بعدها ألغى الركعة التي قبلها التي سجد فيها سجدة واحدة ; لأنها لم تتم بسجدتيها ، وإن ذكر أنه ترك سجدة من الركعة الأولى قبل أن يركع الثانية وقد قرأ أو قبل أن يرفع رأسه من الركعة التي تليها ، فليرجع ويسجد السجدة التي نسيها ثم يبتدئ في القراءة التي قرأ من الركعتين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية