الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6284 37 - حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، حدثنا قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال جهنم تقول : هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول : قط قط وعزتك ، ويزوى بعضها إلى بعض . رواه شعبة عن قتادة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وعزتك " وآدم هو ابن أبي إياس واسمه عبد الرحمن وأصله من خراسان ، سكن عسقلان ، وشيبان مر عن قريب .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في صفة النار عن عبد بن حميد ، وأخرجه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد أيضا ، [ ص: 186 ] وأخرجه النسائي في النعوت ، عن الربيع بن محمد ، عن آدم به .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وتقول جهنم هل من مزيد " قال الثعلبي : يحتمل أن يكون هذا مجازا مجازه : هل من مزيد ، ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة ، وإنما صلح للوجهين لأن في الاستفهام ضربا من الجحد وطرفا من النفي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مزيد " اسم بمعنى الزيادة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قدمه " قال الكرماني : هو من المتشابهات ، وقال المهلب : أي ما قدم لها من خلقه وسبق لها بمشيئته ووعده ممن يدخلها ، وقال النضر بن شميل : معنى القدم هنا الكفار الذين سبق في علم الله تعالى أنهم من أهل النار ، وحمل القدم على المتقدم لأن العرب تقول للشيء المتقدم قدم ، وقيل : القدم خلق يخلقه الله يوم القيامة فيسميه قدما ويضيفه إليه من طريق الفعل ، والملك يضعه في النار فتمتلئ النار منه ، وقيل : المراد به قدم بعض خلقه فأضيف إليه كما يقول : ضرب الأمير اللص ، على معنى أنه عن أمره ، وسئل الخليل عن معنى هذا الخبر فقال : هم قوم قدمهم الله تعالى إلى النار ، وعن عبد الله بن المبارك : من قد سبق في علمه أنهم من أهل النار ، وكل ما تقدم فهو قدم قال الله تعالى : أن لهم قدم صدق عند ربهم يعني أعمالا صالحة قدموها ، وروي عن حسان بن عطية حتى يضع الجبار قدمه بكسر القاف ، وكذلك روي عن وهب بن منبه ، وقال : إن الله تعالى قد كان خلق قوما قبل آدم عليه السلام يقال لهم : القدم رءوسهم كرءوس الكلاب والدواب وسائر أعضائهم كأعضاء بني آدم فعصوا ربهم فأهلكهم الله تعالى ، يملأ الله جهنم منهم حين تستزيد .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : جاء في مسلم : حتى يضع تبارك وتعالى فيها رجله فتقول : قط قط ، فهنالك تمتلئ .

                                                                                                                                                                                  قلت : الرجل العدد الكثير من الناس وغيرهم ، والإضافة من طريق الملك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قط قط " مر الكلام فيه في سورة ( ق ) ومعناه حسبي حسبي اكتفيت وامتلأت ، وقيل : إن ذلك حكاية صوت جهنم ، قال الجوهري : إذا كان بمعنى حسبي وهو الاكتفاء فهو مفتوح القاف ساكن الطاء ، وقال ابن التين : ورويناه بكسرها ، وفي رواية أبي ذر بكسر القاف .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ويزوى " بضم الياء وسكون الزاي وفتح الواو يعني يجمع ويقبض .

                                                                                                                                                                                  قوله : " رواه شعبة " أي : روى الحديث المذكور شعبة عن قتادة ، وصل البخاري روايته في تفسير سورة ( ق ) فارجع إليه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية