الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. باب تدبير ما في البطن

( قال ) رضي الله عنه أمة بين رجلين دبر أحدهما ما في بطنها جاز كما لو أعتق ما في بطنها فإن ولدت لأقل من ستة أشهر بعد هذا القول فهو مدبر والشريك فيه بالخيار بين التدبير والتضمين والاستسعاء لأنا تيقنا أنه كان موجودا في البطن وقت التدبير فهو كالمنفصل وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يعمل فيه التدبير ; لأنا لم نتيقن بوجوده [ ص: 193 ] حين دبر لعلها حبلت به بعد ذلك ومع الشك لا يثبت التدبير ، ولو قال أحدهما ما في بطنك حر بعد موتي وقال الآخر أنت حرة بعد موتي فولدت لأقل من ستة أشهر بعد النطق الأول فالولد مدبر بينهما ; لأنا علمنا أنه كان موجودا حين دبره الأول فتدبر نصيبه بتدبيره ، ونصيب الشريك بتدبيره حصته من الأم فلهذا كان الولد مدبرا بينهما وحصة الذي دبر الأم مدبر مع الأم وشريكه فيها بالخيار وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر فالولد مدبر للذي دبر الأم ; لأنا لم نتيقن بوجوده عند تدبير الأول فإنما يثبت فيه حكم التدبير بطريق التبعية للأم من جهة الذي دبر الأم وثبوت حكم التبعية باعتبار أنه كالجزء من وجه وفي هذا لا ينفصل بعضه عن بعض فلهذا كان الولد كله مدبرا للذي دبر الأم بخلاف الأول فإن نصيب الشريك من الولد هناك صار مقصودا ينفرد التدبير من جهته فيه ، ثم نصف الأم مدبر للذي دبرها والآخر بالخيار إن شاء ضمن شريكه نصف قيمة الأم إن كان موسرا والولد للمدبر بغير ضمان ; لأن الضمان إنما لزمه من حين دبر ، وعلوق الولد بعد ذلك فلا يثبت فيه حق الشريك ألا ترى أنها لو ازدادت في بدنها لم يكن للشريك الآخر تضمين نصف القيمة إلا وقت التدبير فكذلك إذا كانت الزيادة منفصلة ; لأنها صارت في حكم المستسعاة حتى ثبت له حق أن يستسعيها في نصف قيمتها بذلك التدبير والمستسعاة كالمكاتبة تكون أحق بولدها فلهذا لم يجب على المدبر شيء من ضمان قيمة الولد وإن شاء الشريك استسعاها في نصف قيمتها ولا يسعى الابن في شيء لما بينا أن المستسعاة كالمكاتبة فلا يثبت لمولاها فيما يحدث لها من الولاء بعد ذلك حق يمكنه من استسعائه الولد ، فإن دبر أحدهما ما في بطنها ثم أعتق الآخر نصيبه ألبتة ثم ولدت بعد ذلك بشهر فالمدبر بالخيار إن شاء أعتق حصته من الولد وإن شاء استسعى وإن شاء ضمن المعتق إن كان موسرا ويرجع الذي ضمن به على الولد ; لأنا تيقنا أنه كان موجودا في البطن عند تصرفهما فيكون حكم هذا وحكم ما لو كان تصرفهما في الولد بعد الانفصال سواء

التالي السابق


الخدمات العلمية