الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى :( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما بين أنه حصل في الأعراب من يتخذ إنفاقه في سبيل الله مغرما ، بين أيضا أن فيهم قوما مؤمنين صالحين مجاهدين يتخذ إنفاقه في سبيل الله مغنما .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه تعالى وصف هذا الفريق بوصفين :

                                                                                                                                                                                                                                            فالأول : كونه مؤمنا بالله واليوم الآخر ، والمقصود التنبيه على أنه لا بد في جميع الطاعات من تقديم الإيمان ، وفي الجهاد أيضا كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : كونه بحيث يتخذ ما ينفقه قربات عند الله وصلوات الرسول ، وفيه بحثان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قال الزجاج : يجوز في القربات ثلاثة أوجه ، ضم الراء ، وإسكانها وفتحها .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : قال صاحب " الكشاف " : قربات مفعول ثان ليتخذ ، والمعنى : أن ما ينفقه لسبب حصول القربات عند الله تعالى وصلوات الرسول ؛ لأن الرسول كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ، ويستغفر لهم . كقوله : " اللهم صل على آل أبي أوفى " وقال تعالى :( وصل عليهم ) [ التوبة : 103 ] فلما كان ما ينفق سببا لحصول القربات والصلوات ، قيل : إنه يتخذ ما ينفق قربات وصلوات . وقال تعالى :( ألا إنها قربة لهم ) [ التوبة : 99 ] وهذا شهادة من الله تعالى للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات ، وقد أكد تعالى هذه الشهادة بحرف التنبيه ، وهو قوله :( ألا إنها ) ثم زاد في التأكيد ، فقال :( سيدخلهم الله في رحمته ) وقد ذكرنا أن إدخال هذا السين يوجب مزيد التأكيد . ثم قال :( إن الله غفور ) لسيئاتهم( رحيم ) بهم حيث وفقهم لهذه الطاعات . وقرأ نافع ( ألا إنها قربة ) بضم الراء وهو الأصل ، ثم خففت نحو : كتب ، ورسل ، وطنب ، والأصل هو الضم ، والإسكان تخفيف .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية