الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : اختلفوا في أن المدح الحاصل في هذه الآية هل يتناول جميع الصحابة أم يتناول بعضهم ؟ فقال قوم : إنه يتناول الذين سبقوا في الهجرة والنصرة ، وعلى هذا فهو لا يتناول إلا قدماء الصحابة ؛ لأن كلمة ( من ) تفيد التبعيض ، ومنهم من قال : بل يتناول جميع الصحابة ؛ لأن جملة الصحابة موصوفون بكونهم سابقين أولين بالنسبة إلى سائر المسلمين ، وكلمة ( من ) في قوله :( من المهاجرين والأنصار ) ليست للتبعيض ، بل للتبيين ، أي : والسابقون الأولون الموصوفون بوصف كونهم مهاجرين وأنصارا كما في قوله تعالى :( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) [الحج : 30] وكثير من الناس ذهبوا إلى هذا القول ، روي عن حميد بن زياد أنه قال : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظي : ألا تخبرني عن أصحاب الرسول - عليه السلام - فيما كان بينهم ؟ وأردت الفتن ، فقال لي : إن الله تعالى قد غفر لجميعهم ، وأوجب لهم الجنة في كتابه ، محسنهم ومسيئهم ، قلت له : وفي أي موضع أوجب لهم الجنة ؟ قال : سبحان الله ! ألا تقرأ قوله تعالى :( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) إلى آخر الآية ؟ فأوجب الله لجميع أصحاب النبي - عليه السلام - الجنة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطا شرطه عليهم . قلت : وما ذاك الشرط ؟ قال : اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان في العمل ، وهو أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة ، ولا يقتدوا بهم في غير ذلك ، أو يقال : المراد أن يتبعوهم بإحسان في القول ، وهو أن لا يقولوا فيهم سوءا ، وأن لا يوجهوا الطعن فيما أقدموا عليه . قال حميد بن زياد : فكأني ما قرأت هذه الآية قط ! .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية