الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قذف الجماعة بكلمة واحدة فحد واحد ، إذا طالبوا ، أو واحد منهم ، وعنه : إن طالبوا متفرقين حد لكل واحد حدا ، وإن قذفهم بكلمات ، حد لكل واحد حدا . وإن حد للقذف ، فأعاده لم يعد عليه الحد .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قذف الجماعة بكلمة واحدة ) يتصور منهم الزنا ( فحد واحد إذا طالبوا ، أو واحد منهم ) ثم لا حد ، نقله الجماعة ، وهو المشهور ، لقوله تعالى : والذين يرمون المحصنات الآية [ النور : 5 ] لم يفرق بين قذف واحد أو جماعة ، لأن الحد إنما وجب بإدخال المعرة على المقذوف بقذفه ، وبحد واحد يظهر كذب هذا القاذف ونزول المعرة ، فوجب أن يكتفى به ، بخلاف ما إذا قذف كل واحد قذفا مفردا ، فإن كذبه في قذف لا يلزم منه كذبه في الآخر ، ولا تزول المعرة ، فإن طلبوه أو واحد منهم أقيم الحد ، لأن الحق ثابت لهم على سبيل البدل ، فأيهم طلب واستوفى سقط ، ولم يكن لغيره الطلب به ، كحق المرأة على أوليائها في تزويجها ، وإن أسقطه أحدهم فلغيره المطالبة به ( وعنه : إن طالبوا متفرقين حد لكل واحد حدا ) لأنه إذا طالب واحد أولا لزم إقامة الحد من أجله ، ثم إذا طلب الآخر لزم أيضا ، وعنه : لكل واحد حد ، وقاله أبو ثور وابن المنذر ، لأنه قذف كل واحد منهم فلزمه له حد كامل ، وعنه : إن قذف امرأته ، وأجنبية تعدد الواجب هنا ، اختاره القاضي وغيره ، كما لو لاعن امرأته ، فإن قال : يا ناكح أمه ، الروايات ، ونص فيمن قال لرجل : يا ابن الزانية ، يطالبه ، قيل : إنما أراد أمه قال أليس قد قال له ؛ هذا قصد له ( وإن قذفهم بكلمات ، حد [ ص: 99 ] لكل واحد حدا ) على الأصح كالديون والقصاص ، وعنه : إن طالبوا مجتمعين فحد واحد ، وإلا تعدد ، وعنه : حد واحد مطلقا ، كما لو سرق من جماعة ، أو زنى بنساء ، أو شرب أنواعا من المسكر ، فلو قال : يا ابن الزانيين ، فهو قذف لهما بكلمة واحدة ، فإن كانا ميتين ثبت الحق لولدهما ، ولم يجب إلا حد واحد ، وإن قال : يا زاني ابن الزاني ، فهو قذف لهما بكلمتين ، فإن كان أبوه حيا ، فلكل منهما حد ، وإن كان ميتا فالظاهر في المذهب أنه لا يجب الحد بقذفه ( وإن حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد ) في قول عامتهم ، لأنه حد به مرة ، فلم يحد به ثانية بخلاف السرقة ، وعلم منه أنه إذا تعدد قذفه ولم يحد فحد واحد ، رواية واحدة ، نص عليه ، وقيل : يتعدد ، وإن أعاده بعد لعانه ، فنقل حنبل : يحد ، اختاره أبو بكر ، والمذهب يعزر ، وعليهما لا لعان ، وقدم في الترغيب : يلاعن ، إلا أن يقذفها بزنا ، لاعن عليه مرة ، واعترفت أو قامت البينة ، واختار ابن عقيل : يلاعن لنفي تعزير ، ولو قذفها بزنا آخر بعد حده فروايات ، ثالثها : يحد مع طول الفصل .

                                                                                                                          فرع : إذا تاب من زنا حد قاذفه ، وقيل : يعزر ، واختار في الترغيب : يحد بزنا جديد ، لكذبه يقينا ، بخلاف من سرق عينا ثانية ، فإنه وجد منه ما وجد في الأولة ، وإن قذف من أقرت به مرة ، وفي المبهج : أربعا ، أو شهد به اثنان ، أو شهد به أربعة بالزنا ، فلا لعان ويعزر ، وفي المستوعب : لا .

                                                                                                                          مسألة : لا يشترط لصحة توبة من قذف وغيبة ونحوهما إعلامه والتحلل منه ، وحرمه القاضي والشيخ عبد القادر ، ونقل مهنا : لا ينبغي أن يعلمه ، قال الشيخ [ ص: 100 ] تقي الدين : والأشبه أنه يختلف ، وعنه : يشترط ، وقيل : إن علم به المظلوم ، وإلا دعا له واستغفر ، ولم يعلمه ، وظاهره : أنه لو أصبح ، وتصدق بعرضه على الناس ، لم يملكه ، ولم يبح ، ولا يصح إسقاط الحق قبل وجود سببه ، وإذنه في عرضه كإذنه في قذفه ، وهي كإذنه في دمه وماله .




                                                                                                                          الخدمات العلمية