الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من القولين فإن قلنا بإجباره على العمارة على قوله في [ ص: 402 ] القديم ، فإن كان موسرا أخذ بالعمارة في الحال ، فإن كان في حائط مشترك كانت النفقة بينهما على قدر الملكين ، وإن كان في سفل وعلو اختص صاحب السفل بعمارة سفله وانفرد صاحب العلو بعمارة علوه ، واشتركا في السقف الذي بينهما .

                                                                                                                                            وإن كان الممتنع معسرا قيل للطالب الداعي إلى العمارة صاحبك معسر وأنت بالخيار بين أن تعمر جميعه بمالك وترجع على صاحبك إذا أيسر بقدر حصته أو تكف .

                                                                                                                                            فإن بادر الطالب بعمارة ذلك من غير استئذان حاكم نظر ، فإن كان الممتنع موسرا لم يكن له الرجوع عليه بشيء وصار متطوعا بالنفقة ، وإن كان معسرا ففي رجوعه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يرجع عليه بالنفقة إذا أيسر بها ؛ لأنها مستحقة شرعا وإن لم يؤذن فيها حكما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو أظهر : لا رجوع له بها للاختلاف فيها ، فلم يستقر وجوبها إلا بحكم .

                                                                                                                                            فعلى الوجه الأول ليس للثاني أن يمنع شريكه من بيع حصته والانتفاع بها إلا بعد أخذ نفقته فيصير كالمرهون بها وهو قول أبي حامد المروروذي .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الثاني ليس له منعه من البيع والانتفاع به : لأنه لا رجوع له بسببها وهو قول الجمهور .

                                                                                                                                            وإذا قلنا بقوله في الجديد أنه لا إجبار في العمارة تركا ومنعا من المخاصمة ، وقيل لطالبها إن شئت أن تعمر متطوعا لتصل إلى حقك لم تمنع ، ولا رجوع لك بشيء من نفقتك ، ولا لك منع صاحبك من بيع حصته والانتفاع بها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية