الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ورجع في قدر الحيض هنا هل هو يوم أو بعضه ، وفي أن المقطوع ذكره أو أنثياه يولد له فتعتد زوجته أولا ، وما تراه اليائسة هل هو حيض للنساء )

                                                                                                                            ش : ذكر رحمه الله [ ص: 147 ] ثلاث مسائل ، وأنه يرجع فيها للنساء ، ولم يذكر في المدونة الرجوع للنساء في الثانية ، وإنما ذكره في الأولى ، والثالثة أما المسألة الأولى فذكر المصنف أنه يرجع في قدر الحيض هنا يعني في باب العدة للنساء ، واحترز بذلك من العبادات فإنه تقدم أنه لا حد لأقله بالنسبة للعبادات ، وبين أن المرجوع إليهن فيه هل يكون الحيض يوما أو بعض يوم ، وظاهر كلامه رحمه الله أن اليوم لا كلام أنه حيض كامل ، وكلامه في المدونة ليس كذلك قال في أوائل كتاب الاستبراء منها ، وإن ابتاعها فرأت عنده دما لخمسة أيام من حيضتها عند البائع لم يجزه من الاستبراء ; لأنه دم واحد ، وتدع له الصلاة ، وإن رأته بعد أيام كثيرة يكون هذا لها حيضا مؤتنفا فرأته يوما أو بعض يوم أو يومين ، ثم انقطع فإن قال النساء أن مثل ذلك حيضة أجزأتها ، وإلا لم يكن استبراء لرحمها ، وإن لم تصل فيه حتى تقيم في الدم ما يعرف ، ويستيقن أنه استبراء لرحمها انتهى . وقال المصنف في التوضيح قد تقدم أن أبا عمران وابن رشد تأولا على المدونة أنه لا حد لأقل الحيض هنا كالعبادات ، وإن أكثرهم خالفهم في ذلك ، ونص المازري على أن المشهور عن مالك نفي التحديد ، واستناد الحكم إلى ما يقول النساء إنه حيض انتهى ، وهذا الذي أراد المصنف أن يمشي عليه لكن عبارته رحمه الله لا توفي بذلك كما تقدم ، وكلام ابن رشد الذي ذكره في التوضيح ، وهو في رسم الطلاق الأول من سماع أشهب من طلاق السنة

                                                                                                                            واستدل على أن ذلك مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة بقوله فيها أن الأمة المبيعة إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل فمصيبتها من المشتري ، وقد حل للمشتري أن يقبل ، ويباشر ، ويجوز للمرأة أن تتزوج بأول ما تراه ، ولا معنى لاستحباب التأخير ; لأن الدم إذا انقطع لا يخلو أن يعود عن بعد أو قرب فإن عاد عن بعد انكشف أن ذلك الدم هو الحيضة الثالثة ، وإن هذا الدم حيضة رابعة ، وإن عاد عن قرب كان مضافا للأول ، وعلم أنه كان ابتداء الحيضة الثالثة ، وإن ما بينهما من الطهر ملغى لا حكم له ، ثم ذكر كلام ابن القاسم في كتاب الاستبراء ، ثم قال فعلى قوله هذا إن سئل عنه النساء فقلن أنه لا يكون حيضا يكون الحكم في ذلك على ما في سماع أشهب ، وفرع على هذا هل تقضي الصلاة في تلك الأيام أم لا قال ، والذي يأتي على المذهب أنها لا تقضي ; لأن الاختلاف إنما هو بالنسبة إلى العدة لا إلى إسقاط الصلاة قال ، وروي عن سحنون أنها تقضي الصلاة ، وهو خارج عن المذهب مثل قول أبي حنيفة انتهى . ونقل القاضي عياض عن ابن رشد أنه يقول إنها تقضي الصلاة ، واعترض عليه ، وقال في قوله نظر ، ولا يوافق عليه ، ونقل المصنف كلامه في التوضيح ، وقبله ، وقد علمت أن ابن رشد إنما نقله عن سحنون ، واعترضه كما تقدم ، وقد تعقب ابن عرفة ذلك على عياض ، والله أعلم .

                                                                                                                            ، ونقل ابن عرفة كلام ابن رشد ، ونقل بعده كلام المدونة في إرخاء الستور كالمقوي له ، ولفظه أقوى من لفظ التهذيب المتقدم ، ونصه ، وفي إرخاء الستور منها إذا رأت أول قطرة من الحيضة الثالثة ، تم قرؤها انتهى ، وحصل في أقل الحيض في العدة خمسة أقوال : الأول : كالطهارة . الثاني : يسأل النساء ، وقد تقدم عزوهما الثالث : يوم ، رواه الخطابي عن مالك الرابع : ثلاثة أيام لابن مسلمة الخامس خمسة أيام لابن الماجشون ، والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية