الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( آيسة اعتدت بالأشهر ثم عاد دمها ) على جاري عادتها ، أو حبلت من زوج آخر بطلت عدتها وفسد نكاحها و ( استأنفت بالحيض ) لأن شرط الخلفية تحقق الإياس عن الأصل وذلك بالعجز الدائم إلى الموت ، وهو ظاهر الرواية كما في الغاية واختاره في الهداية فتعين المصير إليه . [ ص: 515 ] قاله في البحر بعد حكاية ستة أقوال مصححة وأقره المصنف ، لكن اختيار البهنسي ما اختاره الشهيد أنها إن رأته قبل تمام الأشهر استأنفت لا بعدها .

قلت : وهو ما اختاره صدر الشريعة ومنلا خسرو والباقاني ، وأقره المصنف في باب الحيض ، وعليه فالنكاح جائز وتعتد في المستقبل بالحيض كما صححه في الخلاصة وغيرها . وفي الجوهرة والمجتبى أنه الصحيح المختار وعليه الفتوى ، وفي تصحيح القدوري : وهذا التصحيح أولى من تصحيح الهداية وفي النهر أنه أعدل الروايات ، وتمامه فيما علقته على الملتقى . .

التالي السابق


( قوله : ثم عاد دمها ) أي في أثناء الأشهر ، أو بعدها ، يدل عليه قوله : أو حبلت من زوج آخر فإن حبلها منه لا يكون إلا بعد الأشهر ، ويدل عليه أيضا مقابله وهو قوله : لكن اختار البهنسي إلخ . ا هـ . ح ( قوله : على جاري عادتها ) مقتضاه اعتبار عادة نفسها ، وهذا أحد أقوال وهو غير المعتمد ، فالأولى التعبير بقوله على العادة كما في الهداية

قال في البحر : واختلفوا في معنى قوله إذا رأت الدم على العادة ، فقيل معناه إذا كان سائلا كثيرا احترازا عما إذا رأت بلة يسيرة ، وقيل معناه ما ذكر وأن يكون أحمر أو أسود لا أصفر وأخضر ، أو تربية ، وقيل معناه أن يكون على العادة الجارية ; حتى لو كان عادتها قبل الإياس أصفر فرأته كذلك انتقض كذا في الفتح ، وصرح في المعراج بأن الفتوى على الأول ا هـ والأخير هو ما ذكره الشارح فافهم ( قوله : لأن شرط الخلفية ) أي خلفية الأشهر [ ص: 515 ] عن الحيض ، والخلف هو الذي لا يصار إليه إلا عند تعذر الأصل كالفدية للشيخ الفاني . وأما البدل كالمسح على الخفين فلا يشترط فيه ذلك أفاده ط ( قوله : ستة أقوال مصححة )

أحدها ينتقض مطلقا ، واختاره في الهداية .

الثاني لا ينتقض مطلقا واختاره الإسبيجابي .

الثالث ينتقض إن رأته قبل تمام الأشهر لا بعدها ، وأفتى به الصدر الشهيد . وفي المجتبى وهو الصحيح المختار للفتوى .

الرابع ينتقض على رواية عدم التقدير للإياس التي هي ظاهر الرواية ، فإنما ثبت الأمر على ظنها فلما حاضت تبين خطؤها ، ولا ينتقض على رواية التقدير له ، واختاره في الإيضاح واقتصر عليه في الخانية وجزم به القدوري والجصاص ، ونصره في البدائع .

الخامس ينتقض إن لم يكن حكم بإياسها ، وإن حكم به فلا كأن يدعي أحدهما فساد النكاح فيقضى بصحته ، وهو قول محمد بن مقاتل ، وصححه في الاختيار .

السادس ينتقض في المستقبل فلا تعتد إلا بالحيض للطلاق بعده لا الماضي فلا تفسد الأنكحة المباشرة بعد الاعتداد بالأشهر ، وصححه في النوازل . ا هـ . ( قوله : وعليه ) أي على هذا القول فالنكاح جائز لأنه إنما يقع بعد تمام الأشهر فوقع معتبرا لوجود شرطه وهو الإياس بوجود سببه وهو الانقطاع في مدته التي يغلب فيها ارتفاع الحيض وهو الخمس والخمسون ، ولا تعتد في المستقبل إلا بالحيض لتحقق الدم المعتاد خارجا من الفرج على غير وجه الفساد بل على الوجه المعتاد ، فإذا تحقق اليأس تحقق حكمه وإذا تحقق الحيض تحقق حكمه . وأما اشتراط دوام الانقطاع إلى الموت في اليأس فلا دليل له فقد يتحقق اليأس من الشيء ثم يوجد ، وتمامه في الفتح ، وهذا كما ترى ترجيح أيضا لهذا القول .




الخدمات العلمية