الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( تنبيهات )

( الأول ) اختلفت الروايات في تحديد الحوض وتقديره اختلافا كثيرا ، ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، وفي رواية عند الإمام أحمد أن الحوض ما بين عدن وعمان ، وفي رواية الصحيحين ما بين صنعاء والمدينة ، وفي رواية لهما أيضا : ما بين المدينة وعمان ، وفي رواية : ما بين أيلة ومكة ، وعند ابن ماجه : ما بين المدينة إلى بيت المقدس ، وفي رواية : ما بين جرباء وأذرح ، وفي رواية : ما بين أيلة وصنعاء اليمن ، وهو في الصحيحين . قال في جامع الأصول عن كون حوضه - صلى الله عليه وسلم - ما بين جنبيه كما بين جرباء وأذرح : رواه البخاري ومسلم وأبو داود ، وقال بعض الرواة : هما قريتين بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال ، وفي لفظ : ثلاثة أيام .

قال في القاموس : وجرباء قرية بجنب أذرح ، وغلط من قال : بينهما ثلاثة أيام ، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها الدارقطني ، وهي :

ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وجرباء وأذرح . انتهى .

وفي مسلم والترمذي : مثل ما بين عدن إلى عمان البلقاء .

قال بعض العلماء : وهذا الاختلاف والاضطراب لا يوجب الضعف ؛ لأنه من اختلاف التقدير والتحديد لا من الاختلاف في الرواية ؛ لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد اضطرابا ، وإنما جاء في أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة ، وقد سمعوه في مواطن متعددة ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمثل لكل قوم الحوض بحسب ما يعلم [ ص: 202 ] المتكلم ويفهم السائل ، وبحسب ما يسنح له - صلى الله عليه وسلم - من العبارة ، ويحدد الحوض بحسب ما يفهم الحاضرون من الإشارة . قال الحافظ ابن حجر : هذا الاختلاف المتباعد الذي يزيد تارة على ثلاثين يوما ، وينقص إلى ثلاثة أيام لا يصلح أن يكون من ضرب المثل في التقدير ؛ لأنه إنما يكون بما يتقارب .

ورد عليه بأن رواية ثلاثة أيام اعترف هو نفسه بأنها غلط فلا يتوجه الاعتراض بها .

وقال النووي : ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة ، فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح ، فلا معارضة .

وقال بعضهم : يحمل القصير على العرض ، والطويل على الطول . قلت : ويرد هذا : " زواياه سواء " ، وأوضح من هذا ما في رواية : طوله وعرضه سواء .

وقال بعضهم : بل سبب الاختلاف ملاحظة سرعة السير وعدمها ، فقد عهد في الناس من يقطع مسافة عشرة أيام في ثلاثة أيام وعكسه ، وأكثر من ذلك وأقل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية