الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1062 ] 1428 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمر ، يصلون العيدين قبل الخطبة . متفق عليه .

التالي السابق


1428 - ( وعن ابن عمر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمر ، يصلون العيدين قبل الخطبة ) قال التوربشتي : ذكر الشيخين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يقرره من السنة ، إنما يكون على وجه البيان لتلك السنة أنها ثابتة معمول بها . قد عمل الشيخان بها بعده ، ولم ينكر عليهما ، ولم يغير ، وكان ذلك بمحضر من مشيخة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس ذكرها على سبيل الإشراك أي : في التشريع ، معاذ الله أن يظن فيه ذلك اهـ .

وأفهم سكوته عن عثمان أنه قدم الخطبة . قال ابن حجر : وأما ما فعل مروان بن الحكم من تقديم الخطبة لما كان واليا على المدينة من جهة معاوية ، فقد أنكر عليه الصحابة أشد الإنكار ، ولا حجة له في فعل عثمان إن صح ; لأنه كان لمجرد بيان الجواز لا لإدامة ذلك بخلاف مروان ، فإنه قصد به الإدامة وأنه سنة اهـ .

وقوله لمجرد بيان الجواز ينبغي أن يحمل على أنه كان عنده علم منه - عليه الصلاة والسلام - لجوازه ، فبينه بفعله ; لأنه أظهر من قوله ، والأولى أن يقال : إنه وقع منه سهوا أو وهما أنه يوم الجمعة ، ثم استمر على الخطبة ، ولم يرجع إلى الصلاة بعد التذكير أو الإعلام ، لعلمه بالجواز ، ولإعلامه أهل الحجاز بأن عمله من الأمر المجاز . قال ابن المنذر : أجمع الفقهاء على أن الخطبة بعد الصلاة ، وأنه لا يجزئ التقديم فيها ، وأما الصلاة فصحيحة اتفاقا ، واعتذر عن مروان بأنه لم يغير السنة عنها بل قياسا على الجمعة على أن عثمان سبقه على ذلك كما قاله مالك ، وكذا معاوية كما قاله الزهري ، وأخرج ذلك عنهما عبد الرزاق في مصنفه ، وما ذكر عن عثمان إن صح فهو في بعض السنين .

قال في الأزهار : وجه الفرق بين الجمعة وغيرها في تقديم الخطبة وتأخيرها ، أن الجمعة فرض والعيد نفل ، فخولف بينهما فرقا ، ولا يرد خطبة عرفة ; لأنها ليست للصلاة ، وقيل : لأن خطبة الجمعة شرط في صحة الصلاة فقدمت لتكميل شروطها ، بخلاف العيدين ، وأيضا تقدم الشرائط على الصلاة كالطهارة وستر العورة ، وقيل : لأن وقت العيد أوسع من وقت الجمعة ، والوقت قد تضيق فقدمت الخطبة في الجمعة وأخرت في غيرها ، وقيل : لأن خطبة الجمعة فرض ، ولو أخرت فربما ذهبوا وتركوا فأثموا فقدمت ، وتقديمها مستفاد من قول الله تعالى : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ذكره ميرك . ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه الترمذي ، والنسائي .




الخدمات العلمية