الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6337 8 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي غسان محمد بن مطرف ، عن زيد بن أسلم ، عن علي بن حسين ، عن سعيد بن مرجانة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " رقبة " ، ومحمد بن عبد الرحيم هو المعروف بصاعقة وهو من أفراده ، وداود بن رشيد مصغر الرشد بالراء والشين المعجمة وبالدال المهملة البغدادي ، مات سنة تسع وثلاثين ومائتين ، والوليد بن مسلم القرشي الأموي الدمشقي ، وأبو غسان بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبالنون كنية محمد بن مطرف على صيغة اسم الفاعل من التطريف بالطاء المهملة ، وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب أبو أسامة العدوي ، وعلي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم المشهور بزين العابدين ، وسعيد بن مرجانة بفتح الميم وسكون الراء وبالجيم والنون وهي اسم أمه ، وأما أبوه فهو عبد الله العامري .

                                                                                                                                                                                  وفي هذا السند ثلاثة من التابعين في نسق واحد : زيد ، وعلي ، وسعيد . والثلاثة مدنيون .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في أوائل العتق من وجه آخر عن سعيد بن مرجانة ، ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  وقد أخرج مسلم هذا الحديث عن داود بن رشيد شيخ شيخ [ ص: 221 ] البخاري ، وبينه وبين البخاري محمد بن عبد الرحيم صاعقة ، وليس لداود في كتاب البخاري غير هذا الحديث الواحد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حتى فرجه " بالنصب ، قال الكرماني : ولم يبين وجهه .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : " حتى " هاهنا عاطفة لوجود شرائط العطف فيها فيكون فرجه بالنصب
                                                                                                                                                                                  ، قلت : هو أيضا ما بين شرائط العطف ما هي ، فأقول : حتى إذا كانت عاطفة تكون كالواو إلا أن بينهما فرقا من ثلاثة أوجه ، أحدها : أن المعطوف بحتى له ثلاثة شروط ، أحدها أن يكون ظاهرا لا مضمرا ، والثاني : إما أن يكون بعضا من جمع قبلها كقدم الحجاج حتى المشاة أو جزءا من كل ، نحو : أكلت السمكة حتى رأسها ، أو كجزء ، نحو : أعجبتني الجارية حتى حديثها ، ويمتنع أن يقال : حتى ولدها ، والثالث : أن يكون غاية لما قبلها إما بزيادة أو نقص .

                                                                                                                                                                                  فالأول نحو : مات الناس حتى الأنبياء ، والثاني نحو : زارك الناس حتى الحجامون ، والشروط الثلاثة موجودة هنا ، أما الأول فهو قوله : " رقبة " فإنه ظاهر منصوب ، وأما الثاني فإن الفرج جزء مما قبله ، وأما الثالث فإن قوله : " فرجه " غاية لما قبلها بزيادة .

                                                                                                                                                                                  واعلم أن أهل الكوفة ينكرون العطف بـ " حتى " البتة ، ولهم في هذا دلائل مذكورة في موضعها ، ووقوع العطف بـ " حتى " عند الجمهور أيضا قليل فافهم ، وبعض الشراح ذكر هنا كلاما لا يشفي العليل ولا يروي الغليل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية