الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن تلبس بقضاء لواجب حرم عليه قطعه إن كان على الفور وهو صوم من تعدى بالفطر ) أو أفطر يوم الشك كما مر فلا يجوز له التأخير ولو بعذر كسفر تداركا لورطة الإثم أو التقصير الذي ارتكبه ( وكذا إن لم يكن على الفور في الأصح بأن لم يكن تعدى بالفطر ) ؛ لأنه قد تلبس بالفرض كمن شرع في أداء فرض أول وقته نعم مر أنه متى ضاق الوقت بأن لم يبق من شعبان إلا ما يسع الفرض وجب الفور وإن فات بعذر وإنما لم يجر هنا نظير وجه في الصلاة أنه يجب الفور في قضائها مطلقا ؛ لأن قضاء الصوم ينتهي إلى حالة يتضيق فيها ويجب فعله فيها فورا كما تقرر فصار مؤقتا كالأداء بخلاف قضاء الصلاة فإنه لا أمد له وأيضا الصلاة لا يسقط فعلها أداء بعذر نحو مرض وسفر بخلاف الصوم فضيق في قضائها ما لم يضيق في قضائه وكالقضاء في حرمة القطع كل فرض عيني يبطله القطع أو يفوت وجوبه الفوري بخلاف نحو قراءة الفاتحة في الصلاة وكذا فرض كفاية هو جهاد أو نسك أو صلاة جنازة وحرم جمع [ ص: 461 ] قطعه مطلقا إلا الاشتغال بالعلم ؛ لأن كل مسألة مستقلة برأسها وصلاة الجماعة ؛ لأنها وقعت صفة تابعة وهو ضعيف وإن أطال التاج السبكي في الانتصار له وإلا لزم حرمة قطع الحرف والصنائع ولا قائل به ويحرم على الزوجة أن تصوم تطوعا أو قضاء موسعا وزوجها حاضر إلا بإذنه أو علم رضاه كما يأتي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو أفطر يوم الشك إلخ ) بخلاف من نسي النية فإن المصرح به في المجموع أن قضاءه على التراخي بلا خلاف شرح م ر ( قوله ولو بعذر كسفر ) كذا في الروض لكن في الأنوار خلافه وقد تقدم في الحاشية عند قوله وللمسافر سفرا طويلا مباحا .

                                                                                                                              ( قوله تداركا لورطة الإثم ) به يفارق جواز قطع أداء رمضان بالسفر ومثله أداء النذر كما هو ظاهر .

                                                                                                                              ( قوله وإن فات بعذر ) أي فيستثنى مما دل عليه بأن لم يكن تعدى [ ص: 461 ] بالفطر من أن ما لم يتعد بفطره لا يجب فيه الفور .

                                                                                                                              ( قوله : لأن كل مسألة مستقلة برأسها ) قضيته تحريم قطع المسألة الواحدة وفيه كلام في حاشية جمع الجوامع للكمال فراجعه .

                                                                                                                              ( قوله ويحرم على الزوجة أن تصوم تطوعا ) عبارة شرح الروض ويحرم على امرأة صوم نفل مطلق ثم قال ويلحق به في ذلك صلاة نفل مطلق ويحتمل خلافه لقصر زمنها وسيأتي في النفقات أنه لا يحرم عليها صوم عرفة وعاشوراء ا هـ وعبارة شرح العباب وسيأتي في النفقات حكم صوم الحليلة ومنه أنه يحرم عليها صوم تطوع غير نحو عرفة وعاشوراء بغير إذن حليلها الحاضر بالبلد إلى أن قال ولا يلحق به في ذلك صلاة التطوع لقصر زمنها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويحرم على الزوجة ) قال في شرح الروض والأمة المباحة لسيدها كالزوجة وغير المباحة كأخته والعبد إن تضرر بصوم التطوع لضعف أو غيره لم يجز بغير إذن السيد وإلا جاز ذكره في المجموع وغيره ا هـ والله أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لواجب ) إلى قوله وإنما لم يجر في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله أو أفطر يوم الشك إلخ ) بخلاف من نسي النية فإن المصرح به في المجموع أن قضاءه على التراخي بلا خلاف نهاية ومغني وتقدم مثله في شرح ثم ثبت كونه من رمضان .

                                                                                                                              ( قوله تداركا لورطة الإثم ) أي وبه يفارق جواز قطع أداء رمضان بالسفر ومثله أداء النذر كما هو ظاهر سم .

                                                                                                                              ( قوله أو التقصير إلخ ) راجع ليوم الشك .

                                                                                                                              ( قوله وإن فات بعذر ) أي : فيستثنى مما دل عليه قول المصنف بأن لم يكن إلخ من أن ما لم يتعد بفطره لا يجب فيه الفور سم ( قوله هنا ) أي : في الصوم ( قوله مطلقا ) أي : تعدى بفوتها أو لا .

                                                                                                                              ( قوله كما تقرر ) أي : بقوله نعم مر إلخ .

                                                                                                                              ( قوله كل فرض إلخ ) أي : كالصلاة والحج ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أو يفوت وجوبه إلخ ) أي : كاعتكاف منذور في زمن معين وقد يقال إن هذا داخل فيما قبله .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف نحو قراءة إلخ ) فيه أنه داخل في قوله كل فرض عيني إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وكذا فرض كفاية إلخ ) أي : يحرم قطعه .

                                                                                                                              ( قوله أو صلاة جنازة ) قال في الإمداد لما في الإعراض عنها من هتك حرمة الميت ويؤخذ منه أن غير الصلاة مما يتعلق به كحمله ودفنه يجب بالشروع فيه ويمتنع الإعراض عنه بعده وهو ظاهر نعم يتجه جواز الإعراض بعذر نحو تعب الحامل أو الحافر فتركه لغيره ونحو تركه لمن قصد التبرك بذلك من المقاصد المخرجة للترك عن [ ص: 461 ] هتك لحرمة فتأمل شوبري ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله قطعه ) أي : فرض الكفاية ( قوله وهو ضعيف ) أي : ما جرى عليه الجمع .

                                                                                                                              ( قوله ويحرم ) إلى الكتاب في النهاية والمغني إلا قوله أو قضاء موسعا .

                                                                                                                              ( قوله ويحرم على الزوجة إلخ ) فلو صامت بغير إذنه صح وإن كان حراما كالصلاة في دار مغصوبة وسيأتي في النفقات عدم حرمة صوم نحو عاشوراء عليها أما صومها في غيبة زوجها عن بلدها فجائز قطعا وإنما لم يجز صومها بغير إذنه مع حضوره نظرا لجواز إفساده عليها ؛ لأن الصوم يهاب عادة فيمنعه التمتع ولا يلحق بالصوم صلاة التطوع لقصر زمنها والأمة المباحة للسيد كالزوجة وغير المباحة كأخته والعبد إن تضرر بصوم التطوع لضعف أو لغيره لم يجز إلا بإذن السيد وإلا جاز ذكره في المجموع وغيره نهاية ومغني وإيعاب قال ع ش قوله م ر صح أي : وتثاب عليه وقوله م ر عدم حرمة صوم إلخ أي : بغير إذنه وقوله م ر نحو عاشوراء أي : مما لا يكثر وقوعه كعرفة وقوله م ر مع حضوره أي : ولو جرت عادته بأن يغيب عنها من أول النهار إلى آخره لاحتمال أن يطرأ له قضاء وطره في بعض الأوقات على خلاف عادته وقوله م ر صلاة التطوع ظاهره وإن كثر ما نوته ؛ لأن الصلاة من شأنها قصر زمنها وقوله م ر والأمة المباحة إلخ أي : التي أعدها للتمتع بأن تسرى بها أما أمة الخدمة التي لم يسبق للسيد تمتع بها ولم يغلب على ظنها إرادته منها فلا ينبغي منعها من الصوم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أو قضاء موسعا ) سكت عنه النهاية والمغني وقال ع ش قوله م ر أن تصوم تطوعا خرج به الفرض فلا يحرم وليس للزوج قطعه وظاهره ولو لنذر مطلق لم يأذن فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وزوجها إلخ ) أي الذي يتأتى به استمتاع ولو بغير وطء ومر أن الإمام إذا أمر بصوم الاستسقاء وجب وظاهر كلامهم وجوبه حتى على النساء وعليه فليس للزوج المنع حينئذ إيعاب .

                                                                                                                              ( قوله كما يأتي ) أي : في النفقات ( خاتمة ) أفضل الشهور للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وأفضلها المحرم ثم رجب خروجا من خلاف من فضله على الأشهر الحرم ثم باقيها وظاهره الاستواء ثم شعبان لخبر { كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله } وخبر { كان يصوم شعبان إلا قليلا } قال العلماء اللفظ الثاني مفسر للأول فالمراد بكله غالبه وإنما أكثر صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان مع كون المحرم أفضل منه ؛ لأنه كانت تعرض له فيه أعذار تمنعه من إكثار الصوم فيه أو لعله لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر حياته قبل التمكن من صومه وفي الصحيحين { عن عائشة رضي الله تعالى عنها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان } قال العلماء وإنما لم يستكمل ذلك لئلا يظن وجوبه نهاية ومغني وكذا في الإيعاب إلا أنه مال إلى تقديم ذي الحجة على رجب وفيه أيضا روى أبو داود وغيره { صم من الحرم واترك } وإنما أمر المخاطب بالترك ؛ لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم كما جاء التصريح به في أول الحديث أما من لا يشق عليه فصوم جميعها له فضيلة ومن ثم قال الجرجاني وغيره يندب صوم الأشهر الحرم كلها ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية