الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال أبو نصر: "لم يزل الله متكلما ؛ لأن الكلام من صفات المدح للحي الفاعل، وضده من النقائص، والله منزه عنها".

وذكر كلاما كثيرا إلى أن قال: "وقد ثبت بما ذكرناه كون القرآن مفرقا مفصلا، ذا أجزاء وأبعاض وآي وكلمات وحروف، وأن ما كان بخلاف ذلك لم يكن القرآن المنزل الذي آمن به المسلمون وجحده الكفار، وأن المقروء سور وآي وكلمات وحروف، وكذلك المحفوظ والمكتوب والمتلو، وأنه عربي مبين، نازل بلسان العرب، ولسان قريش، والمراد باللسان في هذا الباب اللغة، لا اللسان الذي هو لحم ودم وعروق، تعالى الله عن ذلك، وجل عن أن يوصف إلا بما وصف به نفسه، وتنزه عن الأشباه".

قال: "ونحن نذكر عقب هذا الفصل فصلا في ذكر حروف القرآن، وفصلا بعد ذلك في الصوت وما ورد فيه من القرآن والحديث، وكل ذي لب صحيح يعرف بالحس والمشاهدة قبل الاستدلال أن القرآن العربي حروف، ولا فرق بين منكر ذلك ومنكر الحواس وأنها من مبادئ العلم وأسباب المدارك". [ ص: 93 ]

قال: "وقد بين الله في كتابه ما لا إشكال بعده في هذا الفصل لما قال: وإذ نادى ربك موسى [ سورة الشعراء: 10]، والعرب لا تعرف نداء إلا صوتا، وقد جاء عن موسى تحقيق ذلك، فإن أنكروا الظاهر كفروا، وإن قالوا: "إن النداء غير صوت" خالفوا لغات العرب، وإن قالوا: نادى الأمير - إذا أمر غيره بالنداء - دفعوا فضيلة موسى عليه السلام المختصة به من تكليم الله إياه من غير واسطة ولا ترجمان، وليس في وجود الصوت من الله تعالى تشبيه بمن يوجد الصوت منه من الخلق، كما لم يكن في إثبات الكلام له تشبيه بمن له كلام من خلقه، وكيف وكلامه وكلام خلقه معا عن الأشعري معنى قائم بذات المتكلم لا يختلف ؛ فهو المشبه لا محالة".

قال: "وأما نحن فنقول: كلام الله حرف وصوت بحكم النص"،
قال: "وليس ذلك عن جارحة ولا آلة، وكلامنا حروف وأصوات، لا يوجد ذلك منا إلا بآلة، والله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء، لا يشغله شيء عن شيء، والمتكلم منا لا يتأتى منه أداء حرفين إلا بأن يفرغ من أحدهما ويبتدئ في الآخر، والقرآن لما كان كلاما لله كان معجزا، وكلام الخلق غير معجز، وفي كلام الله بيان ما كان وما سيكون [ ص: 94 ] وما لا يكون أبدا لو كان كيف كان يكون، والخلق لا يصلون إلى هذه الأشياء إلا بتعريف".

التالي السابق


الخدمات العلمية